في خضم هذا الاضطراب العالمي الذي ضرب قطاع الطيران، بدأت بعض الدول المجاورة لإيران وإسرائيل تجني مكاسب غير مباشرة من إعادة تشكيل المسارات الجوية، وعلى رأسها مصر، التي باتت تُعدّ واحدة من أبرز الدول البديلة الآمنة لعبور الطائرات التجارية والمسافرين في المنطقة.
فمع توقف حركة الطيران في المطارات الإسرائيلية الكبرى مثل مطار بن غوريون في تل أبيب، وتحويل مئات الرحلات بعيدًا عن الأجواء الإيرانية والعراقية والسورية، أصبحت المجال الجوي المصري واحدًا من المسارات الأكثر استخدامًا في الرحلات المتجهة من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا. وقد أشارت مصادر في قطاع الطيران المدني المصري إلى أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 22% في عدد الرحلات التي تمر عبر الأجواء المصرية خلال الأيام الأربعة الماضية.
مكاسب اقتصادية مباشرة
تمثلت المكاسب في زيادة إيرادات عبور الطائرات (Overflight Fees)، حيث تدفع شركات الطيران مبالغ مالية نظير استخدام المجال الجوي المصري، وهو ما يُسهم في رفد خزينة الدولة بعملة صعبة إضافية دون أي استثمار مادي إضافي.
كما توقعت مصادر ملاحية في وزارة الطيران المدني أن يؤدي هذا التحوّل إلى تنشيط حركة الترانزيت في المطارات المصرية، خصوصًا مطار القاهرة الدولي، الذي بدأ يشهد بالفعل تحويل بعض الرحلات العابرة أو المتجهة إلى شرق آسيا وأوروبا. ومن شأن ذلك أن يعزز من موقع مصر كمركز إقليمي للطيران المدني في الشرق الأوسط.
موقع جغرافي يعزز النفوذ
إضافة إلى المكاسب المالية، يُعزز هذا الوضع من أهمية مصر الجيوسياسية في الملاحة الجوية الدولية، حيث تُثبت الدولة قدرتها على توفير بدائل آمنة ومستقرة في زمن الأزمات. وإذا استطاعت القاهرة استثمار هذه الفرصة بفعالية، سواء عبر تقديم تسهيلات إضافية أو تخفيض رسوم الهبوط والخدمات، فقد تُرسّخ موقعها كمحور طيران لا غنى عنه في المنطقة، خصوصًا مع ازدياد القلق من التوترات الإقليمية طويلة الأمد.
ارتفاع حجم الرحلات العابرة
بحسب تصريحات رسمية من وزارة الطيران المدني المصرية، شهدت مصر ارتفاعًا بنسبة 22% في حركة الرحلات العابرة (overflights) عبر أجوائها خلال الأيام الأربعة الماضية. يأتي ذلك بالتزامن مع توقف عدد من الرحلات الإسرائيلية، واتجاه شركات عالمية مثل الإماراتية والقطرية ولنوفتهاانزا إلى استخدام المجال الجوي المصري باعتباره مسارًا بديلًا موثوقًا
مكاسب مالية من رسوم العبور
تُظهر القوانين المصرية أنه لا توجد رسوم معالجة إضافية لمنح تصاريح العبور (overflight permits)، بينما تُحصل رسوم الملاحة والعبور مباشرة من شركات الطيران حسب الوزن والمسافة .
مع مرور أكثر من 1000 رحلة إضافية يوميًا (تقدير تقريبًا بناءً على +22% لحركة تجاوزت 5,000 رحلة/يوم)، وبمعدّل رسوم يبلغ بين 3–6 دولارات للرحلة في المتوسط (وفقًا لنطاق رسوم مماثلة في المنطقة)، فإن التقديرات تشير إلى إضافة دخل يومي يُقدر بين 3 إلى 6 مليون دولار لصافي إيرادات مصر من رسوم العبور.
على صعيد شهري، إذا استمر تدفق 22% إضافي، فقد يصل الدخل الإضافي إلى 90–180 مليون دولار، مما يؤمن تدفقًا نقديًا مستمرًا دون الحاجة لأي استثمار إضافي .
فرص لتعزيز صناعة الطيران المصري
الارتفاع في الحركة عبر مطار القاهرة يتيح فرصة لـتنشيط الترانزيت، من خلال جذب شركات الطيران لوقفات لأغراض التزويد بالوقود أو تبديل الطواقم والمسافرين.
تصريحات من Eurocontrol أشادت بإنجاز مصر في إدارة الازدحام الجوي وتنسيق مسارات الطيران الجديدة بكفاءة عالية، الأمر الذي يعزز التقييم الدولي لموقع القاهرة كمركز طيران محوري .
الأثر الاقتصادي الأوسع
تأتي هذه المكاسب الإضافية في توقيت حرج، حيث تعاني مصر من ضغوط مالية على ميزان المدفوعات والدين العام. ويشكل العبور الجوي مصدر دخل نقدي حرّ، وتقليل الاعتماد على قنوات أخرى متذبذبة مثل السياحة أو معاملات قناة السويس البحرية.
بالرغم من العقبات الأمنية مثل تكدّس المرور الجوي ومخاوف متعلقة بالطقس السياسي، أظهرت التقارير أن القاهرة قادرة على استيعاب الزيادة بفضل ضبط جيد وتجهيزات متطورة في إدارة الحركة الجوية .