بداية أقصد الهيكل التنظيمي المغلق وليس الأفراد والأهداف والغايات للإخوان المسلمين، ونُقدّر إنجاز الكثير من الأهداف في المجتمع طبيا وتعليميا وخيريا، ولكن نحن في لحظة فارقة تتطلب حل هذا التنظيم المغلق الذي مازال يحرث في الماء منذ ١٠٠ سنة دون إنجاز هدف الخلافة، مع زيادة أضراره على المجتمع.
١) الإسلام هو الحل:
شعار جميل ورائع وجذاب، سيفهمه أي مسلم أن الإيمان بعقيدتنا التوحيدية، وشريعتنا الحاكمة للفرد والمجتمع والدولة، وأخلاقنا في الصدق والرحمة بالعالمين، هي بالفعل الحل لكل مشاكلنا.
ولكن، عندما يدخل التنظيم ويمارس نشاطه فيه سيجد أن التنظيم والسعي للسلطة هي الهدف لأنها ركن من أركان الدين كما ذكر ذلك حسن البنا في رسالة المؤتمر الخامس.
سيجد أن الخلافة هي ركن من الدين برغم فتوى الأزهر في مؤتمر عالمي ١٩٢٦ بأنها أحد الواجبات الشرعية، فهي أمل نرجوه من الله بالتزامنا بالدين. سيجد أن الخلافة لا تقوم إلا على هدم الدولة الوطنية، وتفكيك المجتمع لإعادة تركيبه من جديد وفق نسق التنظيم، حيث أن الفرد يجد نفسه في أسرة التنظيم التي تساعده في كل حياته كبديل للأسرة الحقيقية، وكأن الله لم يقل «وألو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله».
يجد نفسه في مجتمع التنظيم المغلق المتمثل في الشعبة والكتيبة، حتى يرى في النهاية أن المرشد هو الخليفة الذي يطاع فلا يعصى ويوثق به بلا حدود.
وفي النهاية سيشعر بأنه ينتمي لدولة موازية للدولة الواقعية ويوالي ويعادي على هذا الأساس، وإذا حدث تصادم بين الدولتين فالجهاد سبيلنا.
نعم سيتعلم من الدين ما يخدم كل هذا الهيكل التنظيمي وسيصير الدين في عقيدته وسيلة وأداة للتنظيم وليس العكس، ستصير السلطة والهيمنة هي الهدف والدين هو الوسيلة، وهذه تماما من عقائد الشيعة.
٢) السمع والطاعة والثقة:
هذه هي أحد أركان البيعة في رسالة التعاليم، والتنظيم يتألف من سبعة طبقات يعلو بعضها فوق بعض بالسمع والطاعة تنتهي برتبة «الأستاذ» التي لا ينالها إلا المرشد العام ونوابه وعدد قليل من القادة. هذه الطاعة والثقة توجِد مرجعية ثالثة بعد القرآن والسنة وهي أهواء الإمام أو المرشد أو مكتب الإرشاد، وإن خالفت النص فالتبريرات جاهزة والتأويل موجود، وهذا كله يؤدي إلى مخالفات شرعية.
فالخلافة صارت من أركان الدين، والتحالفات الباطلة عبر تاريخهم، وانظر ماذا جرى من تحالفهم مع إيران الباطنية التي تخلت عن غزة مؤخرا، وحتى الجهاد صار حرب أهلية وما شرع إلا للأعداء من الكفار. والمظلومية التي يعتاشون بها ويستدرون بها عطف ذوي النفوذ بدل اللجوء إلى الله والاستغاثة به.
وفي الأخلاق أيضا يستحلون الكذب والسباب على من خالفهم ويستدلون بما فعله الغلام بين الساحر والراهب في قصة أصحاب الأخدود. وكذلك التقية والسرية وكأنهم يتعاملون مع أهل الجاهلية الأولى.
وهكذا يؤثر وجود هذا التنظيم على الدين والأخلاق والمعاملات بين الناس. ولك أن تشاهد فيديوهات المنشقين عنهم لتعرف الكثير عن ضررهم.
ولو أنهم حلوا هذا التنظيم كله وتحولوا إلى تيار دعوي ثقافي خدمي تعليمي من خلال جمعيات مدنية نشيطة وموسعة لصار لشعار مثل “الإسلام هو الحل” معنى ووقع يؤثر في الناس ويحببهم في دينهم، ولصارت الأخوة في الله حقا وليس في التنظيم، ولصارت الأعمال كلها لله وليس للتنظيم، ولآتي بالخير الكثير مثل خروج المعتقلين وإمكانية دعم المقاومة مثل ما دُعمت سوريا التي قامت لتحرر الوطن.