في سماء الشرق الأوسط، تتقاطع الطائرات والصواريخ في صراع مفتوح بين إيران وجيش الإحتلال الإسرائيلى، لكن خلف الدخان والنار يكمن سؤال محورى: لماذا تنجح طائرات جيش الإحتلال في اختراق الأجواء بلا عقاب، بينما تسقط صواريخ إيران تحت وابل الدفاعات؟ وهل تبقى طهران بلا غطاء؟
صراع غير متكافىء
تكشف كل ضربة جوية حكاية صراع غير متكافئ بين إسرائيل التي تخترق الأجواء بلا رادع، وإيران التي تواجه سيلًا من الصواريخ المضادة تسقط معظم قذائفها، فهل نحن أمام مشهد لاختلال استراتيجي يهدد بتفكك المحور الإيراني؟ أم أن الكرملين سيُدلي بورقة إنقاذ أخيرة لتعديل كفة الميزان؟
الفارق الجوهري في أدوات القوة
حكومة الكيان تعتمد على سلاح جو متفوق مدعوم بتكنولوجيا أمريكية متقدمة، وطائرات “إف-35” الشبحية، ما يمنحها قدرة على تنفيذ ضربات دقيقة دون اعتراض فعال، وفي المقابل، إيران تفتقر للطيران القتالي الحديث وتعتمد بشكل أكبر على الصواريخ والطائرات المسيّرة.
فيما يرى محللون فى رويترز أن إسرائيل تملك السيطرة الجوية لكن دون دعم أمريكي، فإنها عاجزة عن تدمير المنشآت النووية المدفونة عميقًا، مثل منشأة فوردو.
هجمات دون ردّ مكافئ
الضربات الجوية لجيش الإحتلال تتم في الغالب داخل العمق الإيراني دون خسائر كبيرة بسبب تقنيات التشويش والتخفي، أما الصواريخ الإيرانية فتُرصد وتُستهدف غالباً من أنظمة دفاع جوي متطورة، مثل القبة الحديدية وباتريوت، لتفقد فعاليتها قبل أن تصيب.
غياب التغطية الجوية
غياب التغطية الجوية الكافية وتقادم بعض الذخائر يجعل القصف الإيراني مجرد استعراض غير حاسم، فالمشهد يتكرر: الصواريخ الإيرانية تسقط أو تُعترض، بينما طائرات “إف-35” الإسرائيلية تضرب بعمق دون خسائر تذكر، والسؤال الأكبر: هل تمتلك طهران أي أوراق تحسين كفاءتها؟
الفارق يميل ناحية الكيان
ورأت مطبوعة Emissary التابعة لمركز كارنيغي أن الفارق العسكري والشبكة الاستخباراتية تميل لصالح إسرائيل، فيما دفاعات إيران الروسية الأصل (S‑300) تمّ تدميرها سابقًا .
هل من تدخل لتعويض الفجوة؟
الفارق في الإمكانات يفتح باباً لتساؤلات استراتيجية: هل ستسمح قوى كبرى كروسيا باستمرار هذا الخلل؟ فموسكو حليف تكتيكي لإيران، لكنها لم تزوّد طهران حتى الآن بمنظومات نوعية تغيّر قواعد اللعبة، كالـ”إس-400″ مثلاً.
إيران في معادلة الردع العرجاء
في ظل هذا الخلل، تبدو إيران كمن يخوض معركة بيد واحدة، وتعجز عن فرض توازن ردعي حقيقي مع الكيان، والردع لا يتحقق بالتصريحات أو حتى بصواريخ متفرقة، بل بقدرة متكافئة على الوصول وإحداث ضرر مماثل، وهو ما لا تملكه إيران بعد.
احتمالات التصعيد ومواقف الحلفاء
في حال تصاعدت الضربات بين الطرفين، قد تُجبر روسيا أو الصين على مراجعة مواقف الحياد البارد، لا لدعم إيران حبًا، بل لمنع انفراد إسرائيل بالتفوق، ما قد يخلط أوراق الشرق الأوسط ويقود لصراع إقليمي أوسع تتحرك فيه الكواليس بقدر أكبر من العلنية.
المعادلة القادمة.. ميزان أم فوضى؟
إن استمرار هذا الاختلال في ميزان القوة يهدد بجعل أي صراع محتمل مع إيران محسومًا سلفًا لصالح الكيان، وهو سيناريو لا ترحب به لا روسيا ولا الصين، وربما حتى واشنطن التي لا ترغب في حرب غير محسوبة، ولكن السؤال: من سيتحرك أولًا؟
هل يمكن لإيران سد الفجوة العسكرية مع الكيان؟
الخبير الاستراتيجي العسكري: اللواء د أحمد عبد الوهاب (مصر): “إسرائيل تمتلك تفوقًا جويًا ساحقًا بسبب أنظمة الإنذار المبكر والطائرات الشبحية مثل (F-35)، بينما تعتمد إيران على صواريخ باليستية قد لا تخترق الدفاعات الإسرائيلية المتطورة، وحتى لو زودتها روسيا بأنظمة (S-400)، فالتدريب والتكامل التكنولوجي يحتاج سنوات، وإسرائيل لن تنتظر.”
ايران تدرك ضعفها الجوى
ويقول خبير الشؤون الإيرانية د علي نوري زاده، المقيم بالمملكة المتحدة: “طهران تدرك ضعفها الجوي، ولذلك تعتمد على حرب الوكالة عبر الحوثيين وحزب الله، ولكن هذه الاستراتيجية لم تعد كافية بعد فشل معظم ضرباتها المباشرة، وإذا لم تحصل على دعم روسي عاجل، فقد تضطر لخفض سقف مواجهتها مع إسرائيل لتجنب المزيد من الإذلال.”
روسيا لن تخاطر
أما الخبير الروسي في الشرق الأوسط: بروفيسور دميتري ترينين، فأوضح أن: “روسيا لن تخاطر بمواجهة مباشرة مع الغرب لصالح إيران، لكنها قد تبيعها أسلحة متقدمة لتعويض جزء من الخلل، والمشكلة أن إسرائيل تمتلك تفوقًا استخباراتيًا قد يجعل أي نظام دفاعي إيراني جديد هدفًا سهلًا في حال اندلاع حرب شاملة.”
الكيان لاينتظر
وأشار الخبير بالجيش الإسرائيلي في الأمن القومي، الجنرال (متقاعد) عاموس يدلين: “إسرائيل لا تنتظر حتى تعزز إيران قدراتها، فالضربات الأخيرة في سوريا والعراق تثبت أننا نستهدف أي نقل للأسلحة المتطورة إلى حزب الله أو الميليشيات الموالية لإيران، والفجوة بيننا ستزداد، خاصة مع تعمق التعاون الإقليمي مع دول مثل الإمارات والمغرب”
واشنطن وموسكو
بينما يؤكد الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية د مايكل أورين أن الولايات المتحدة تفضل ألا تتدخل روسيا لصالح إيران، لكنها لن تسمح بانهيار النظام في طهران- إلا إذا تغيرت الحسابات- والمعادلة الدقيقة هي إبقاء إيران ضعيفة بما يكفي لعدم تهديد إسرائيل، وقوية بما يكفي لعدم انهيارها، ولكن السؤال: هل يمكن السيطرة على هذا الخلل إلى الأبد؟”
ضعف تنسيق استخباراتى
ويبدو أن هناك فجوة واضحة في القدرة الجوية بين طهران وتل أبيب، ليست فقط بسبب القدرات التقنية، بل أيضًا لضعف التنسيق الاستخباراتي وتقادم الدفاعات الإيرانية، وبدون دعم عسكري أمريكي (أسلحة خرسانية ثقيلة للقضاء على المنشآت المحصنة)، إسرائيل قد لا تستطيع إزالة التهديد النووي بشكل كامل.
المراقبة بحذر
روسيا والصين تراقب الموقف بحذر، لكن حتى الآن لم توفر أى منهما لطهران منظومات نوعية قد تقلب السلطة الجوية لصالح الأخير.
يبدو أن إيران تمضي الآن باتجاه مفاوضات وشروط أكثر مرونة، بينما إسرائيل تضغط على طهران من زاوية القوة الجوية وتحديد الأهداف الاستراتيجية قبل انعقاد أي تفاوض.
سد الفجوة
الغالبية من المراقبين ترى أن إيران لن تستطيع سد الفجوة العسكرية قريبًا دون تدخل روسي كبير، لكن مثل هذا التدخل قد يجر موسكو إلى صراع مفتوح مع الغرب، وبينما يعمل جيش الإحتلال على تعزيز تفوقه، قد تضطر طهران إلى تغيير استراتيجيتها من المواجهة المباشرة إلى حرب غير تقليدية عبر الوكلاء، لكن حتى هذه الاستراتيجية تبدو محدودة الفعالية في ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة.
دولة عسكرية
ولكن.. مع طول أمد الحرب، هل ستتحول إيران إلى “دولة عسكرية في المنطقة، خاصة بعدما ترددت أنباء بوسائل إعلام إيرانية عن تفويض خامنئى لغالبية سلطاته إلى الحرس الثورى، أم أن مفاجأة استراتيجية قادمة قد تعيد رسم المعادلة؟