في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتصاعد وقع القنابل، يخيم شبح الكارثة النووية على سماء الشرق الأوسط، مثيراً موجة عارمة من القلق، بين التصريحات المطمئنة والبيانات الرسمية، تتصاعد تساؤلات ملحة: هل تستطيع دول الخليج صد أي تهديد إشعاعي؟ وما هي أسوأ السيناريوهات التي قد تواجهها المنطقة؟ في هذا التقرير، نكشف الحقائق العلمية، نستعرض الإجراءات الوقائية، ونحلل مدى واقعية المخاوف المتنامية.
التطمينات الرسمية في مواجهة العاصفة النووية
أصدرت الحكومات الخليجية سلسلة من البيانات الرسمية لتهدئة الرأي العام، وسط مخاوف متصاعدة من تداعيات أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية أو الإسرائيلية.
السعودية:
أكدت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية عبر “تغريدة” أن المملكة “آمنة من أي عواقب إشعاعية”، مشيرة إلى أنها تدرس تداعيات أي طوارئ نووية محتملة وتتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
الكويت:
أعلن الحرس الوطني مراقبة الحالة الإشعاعية والكيميائية على مدار الساعة، مؤكداً أنها “طبيعية ومستقرة”، مع امتلاكهم أنظمة متقدمة للكشف عن أي تلوث في الهواء أو المياه.
قطر:
نفت وزارة البيئة أي ارتفاع في مستويات الإشعاع، مؤكدة المتابعة المستمرة.
مجلس التعاون الخليجي:
تم تفعيل “مركز إدارة الطوارئ*”جزئياً كإجراء احترازي.
لكن رغم هذه التصريحات، يظل القلق سيد الموقف. فالتفاعل غير المسبوق مع صفحات الهيئات الرسمية، مثل تعليق أحد المتابعين: *”بالله خففوا التغريدات، بديت أتوتر!”*، يعكس حالة من الذعر الشعبي الذي لا تهدئه البيانات الرسمية وحدها.
السيناريو الأسود: ما أخطر الاحتمالات؟
يُفرّق العلماء بين مخاطر استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم (مثل نطنز) والمفاعلات النووية (مثل بوشهر أو ديمونا). ففي الأولى، تكون المخاطر محدودة نسبياً، بينما قد يؤدي تدمير مفاعل إلى إطلاق نظائر مشعة عالية الخطورة، كما حدث في تشيرنوبل وفوكوشيما
عامل الطقس: القنبلة الموقوتة
يتوقف مدى انتشار الإشعاع على اتجاه الرياح والأمطار. فإذا تحولت الانبعاثات المشعة إلى “غيمة إشعاعية”، فقد تصل إلى دول مجاورة، خاصة إذا هطل المطر وحمل الجسيمات المشعة إلى الأرض. فبعد كارثة تشيرنوبل عام 1986، وصلت آثار إشعاعية إلى بريطانيا، رغم ضآلة تأثيرها.
لماذا الخليج أكثر عرضة للخطر؟
كشفت دراسة في مجلة “العلم والأمن العالمي”عن ثلاثة عوامل تزيد من حدة الكارثة في دول الخليج:
الكثافة السكانية العالية في المدن الساحلية، مما يعيق عمليات الإخلاء، واعتماد المنطقة على تحلية مياه البحر التي قد تتلوث وتؤدي إلى أزمة مياه، وتركيز النشاط الاقتصادي حول النفط والغاز، مما قد يعطّل حركة الملاحة في مضيق هرمز.
كيف نتعايش مع الكابوس النووي؟
يوصي الخبراء بعدم الذعر، مع اتباع الإرشادات التالية في حال وقوع كارثة، وهى البقاء داخل المنازل وإغلاق النوافذ، و تجنب المياه المكشوفة والخضروات الملوثة، والالتزام بالبيانات الرسمية وعدم الانجراف وراء الشائعات.
ويؤكد جيم سميث، خبير الإشعاع في جامعة بورتسموث: “القلق من الإشعاع قد يكون أكثر خطراً من الإشعاع نفسه!”، مشيراً إلى ندرة الحوادث النووية التي تؤثر على مناطق خارج نطاق المفاعل.
بين التهديد الحقيقي والذعر المبالغ فيه
رغم أن احتمالية حدوث كارثة نووية واسعة النطاق تظل منخفضة، إلا أن التصعيد العسكري في المنطقة يحوّل الكابوس إلى احتمال وارد. وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومات على تعزيز إجراءات الوقاية، يبقى التحدي الأكبر هو إدارة الذعر الجماعي، الذي قد يتحول إلى أزمة بحد ذاته.
السؤال الأصعب الآن: هل يمكن للشرق الأوسط تجنب السيناريو الكارثي؟ أم أن المنطقة تقف على حافة الهاوية؟