شنت إيران فجر اليوم الخميس هجومًا صاروخيًا واسعًا استهدف مدينتي تل أبيب وبئر السبع، في إطار تصعيد غير مسبوق بين الطرفين منذ بداية المواجهة الأخيرة.
تصعيد غير مسبوق
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن صافرات الإنذار دوت في مناطق وسط وجنوب إسرائيل، تزامنًا مع سقوط عدد من الصواريخ على منشآت حيوية ومبانٍ سكنية.
أضرار مادية جسيمة
وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” إن الهجوم شمل إطلاق عشرات الصواريخ، بعضها من طرازات متطورة بعيدة المدى، مما أسفر عن إصابات وأضرار مادية جسيمة في عدة مواقع، أبرزها مستشفى سوروكا في بئر السبع، الذي تعرّض لأضرار مباشرة دفعت إلى إخلائه بالكامل.
وأكدت وزارة الصحة الإسرائيلية أن قرار الإخلاء المسبق الذي اتخذ يوم أمس، أنقذ العديد من الأرواح.
من جهتها، ذكرت قناة “كان” الإسرائيلية أن الهجوم طال أيضًا مبانٍ سكنية وتجارية في منطقة تل أبيب الكبرى، بما في ذلك مبنى سوق الأوراق المالية في رامات غان، حيث سُجلت إصابات بين المدنيين نتيجة تناثر الشظايا وانهيار جزئي لبعض الطوابق.
وفي أول تعليق له، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن استهداف منشآت طبية ومدنيين يُعد “جريمة حرب”،
متوعدًا برد غير مسبوق على طهران. وأضاف في مؤتمر صحفي: “كل من اعتقد أن بوسعه ضرب قلب إسرائيل دون أن يدفع الثمن، سيتلقى الرد في عمق أراضيه”.
ونقلت شبكة “الجزيرة” عن مصادر ميدانية أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت عددًا من الصواريخ، غير أن الكثافة العالية للهجوم أدت إلى اختراق منظومة القبة الحديدية في بعض المناطق.
كما أظهرت تسجيلات مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارات ضخمة وسحب دخان تتصاعد من مناطق مختلفة في بئر السبع وتل أبيب.
وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة “هآرتس” أن الهجوم يأتي ردًا على غارات إسرائيلية نُفذت قبل 48 ساعة ضد منشآت نووية ومرافق عسكرية إيرانية، من بينها مجمع مفاعل أراك للماء الثقيل، الذي أكدت طهران تعرضه لضربة جوية فجر الثلاثاء، دون تسجيل أي تسرب إشعاعي.
وأعلنت خدمات الطوارئ الإسرائيلية أن حصيلة المصابين بلغت حتى اللحظة 32 شخصًا، من بينهم أربعة في حالة حرجة، فيما تم نقل عشرات المرضى من المستشفيات المتضررة إلى مراكز صحية بديلة.
تعددت الآراء بشأن الحدث، إذ اعتبر مسؤولون إسرائيليون أن الهجوم يمثل إعلان حرب مباشر يستوجب ردًا واسع النطاق،
تكتيك الإغراق الصاروخي
بينما رأت طهران أن العملية جاءت في إطار “حق الرد المشروع” بعد ضرب منشآتها النووية. محللون عسكريون في الصحف العبرية أشاروا إلى أن إيران استخدمت تكتيك الإغراق الصاروخي، مما أربك الدفاعات الجوية الإسرائيلية وكشف ثغرات خطيرة.
في المقابل، عبّر مواطنون في تل أبيب وبئر السبع عن صدمتهم من حجم الخسائر،
منتقدين فشل الحكومة في توفير الحماية. وعلى المستوى الشعبي العربي، تفاوتت المواقف بين من اعتبر الهجوم خطوة توازن وردع، ومن حذر من توسع الحرب إلى المنطقة بأكملها. أما على الصعيد الدولي،
فقد صدرت دعوات فرنسية وصينية وروسية للتهدئة الفورية، وسط تحذيرات من أن التصعيد الحالي قد يكون بوابة لانفجار إقليمي شامل.
في ظل التصعيد الكبير الذي تمثل في الهجوم الصاروخي الإيراني على تل أبيب وبئر السبع، تشير التوقعات خلال الساعات والأيام المقبلة إلى احتمالات خطيرة ومعقدة.
من المرجح أن تقوم إسرائيل برد واسع قد يشمل ضربات جوية مكثفة داخل العمق الإيراني، وربما استهداف منشآت استراتيجية جديدة. يجري الحديث في الإعلام العبري عن رد غير تقليدي،
وقد تتوسع العمليات لتشمل جبهات أخرى كجنوب لبنان وسوريا والعراق، في حال دخلت الفصائل الحليفة لإيران على خط المواجهة. الجيش الإسرائيلي أعلن حالة التأهب القصوى على الحدود الشمالية.
إغلاق مضيق هرمز
تتزايد المخاوف من انزلاق الوضع نحو حرب إقليمية شاملة، خاصة إذا قررت الولايات المتحدة الانخراط العسكري المباشر أو إذا تم استهداف قواعدها في المنطقة. إيران لوّحت بإغلاق مضيق هرمز،
واحتمال دخول الحشد الشعبي والحوثيين وحزب الله على خط النار يرفع من منسوب التهديد.
في الداخل الإسرائيلي، من المتوقع أن تعيش المدن الكبرى تحت حالة تأهب تام، مع استمرار إطلاق الصواريخ أو استخدام طائرات مسيّرة انتحارية. القطاعات الاقتصادية والحيوية قد تتأثر بشدة،
وقد يتم شل حركة المطارات أو البورصة مؤقتًا. المستشفيات الإسرائيلية بدأت تنفيذ خطط الطوارئ والإخلاء بعد الهجمات الأخيرة على بئر السبع.
على المستوى الدولي، من المتوقع تصاعد الضغط السياسي من أطراف أوروبية وعربية، إضافة إلى الأمم المتحدة، في محاولة لفرض تهدئة ولو مؤقتة. الحديث عن عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن جارٍ، مع توقع تحركات فرنسية وأمريكية لوقف التصعيد.
أخطر التوقعات
أحد أخطر التوقعات هو إمكانية لجوء إيران إلى تسريع تطوير سلاح نووي كرد فعل على الضربات الإسرائيلية الأخيرة،
كما ألمحت تقارير استخبارية غربية. في المقابل، قد تنفذ إسرائيل ضربات استباقية جديدة ضد منشآت نووية، ما يعزز خطر الانفجار الكامل للملف النووي في المنطقة.
ارتفاع كبير في أسعار النفط
أما اقتصاديًا، فالوضع ينذر بارتفاع كبير في أسعار النفط عالميًا، خاصة في حال حدوث اضطرابات في مضيق هرمز. الأسواق الخليجية والإسرائيلية مرشحة للتقلب، وسط حالة من القلق الإقليمي والدولي من انزلاق اقتصادي موازٍ للتصعيد العسكري.
الأيام المقبلة حاسمة، وكل تحرك سيحمل معه احتمال التصعيد أو الانفراج، ولكن حتى الآن، تبدو المؤشرات تميل إلى مزيد من التصعيد ما لم تحدث مفاجأة دبلوماسية.