بعض الناس إذا طال عليه الأمد ولم يجد نصراً لمعسكر الحق شك في دينه ومبادئه التي عاش يؤمن بها دهراً.
ذلك لأنه يخلط بين الحق وأهله، دون النظر في تحقق الشروط المطلوب توفرها في الفئة التي تحمل الحق.
فتحقق النصر والتأييد للفئة المؤمنة مرهون بالتزامها بتحقيق الشروط الواجب توفرها من الإيمان، والإعداد، والصبر، وفهم نواميس الكون، ومراعاة فقه توازن القوى، وفقه الواقع، وفقه الأولويات، وفقه المآلات، وفقه المصالح والمفاسد.
المشكلة إذن، ليست في القيم والمبادئ والوعد الرباني.
فالوعد الرباني لا بتخلف، والقيم والمبادئ هي معايير مجردة ومثل عليا لا تتغير ولا تتلون بتلون الأحوال والظروف، إنما الذي يتخلف هو عدم التزام معسكر الحق بتحقيق شروط النصر وانحرافه عن المنهج أو تقصيره في الأخذ بأدوات النصر.
ذلك النوع الذي ينقلب على عقبيه إنما يقع في شرك الفتنة، فلا يقف عند حد مراجعة الأخطاء وتقويم العيوب ومحاسبة المقصرين على تقصيرهم، إنما يذهب بعيدا بعيدًا بعيدا، فتراه يتحول شيئاً فشيئاً إلى معسكر الباطل، فيدافع عنه وكأنه هو الحق وعلى الحق، كي يثبت لنفسه أنه لم يفتن ولم ينقلب، لذا فإنه يتمادى في فلسفة ضعفه وخوره ليصور هذا الضعف بأنه الحق المحض الذي كان غائباً عنه ثم تفتق ذهنه عنه فجأة بعد أن ذاق مرارة أذىً لَحِقَ به، أو عايشَ كبوةً ألَمَّت برفاقه السابقين.