في لحظة يُفترض أن تَعلو فيها الثقة، اختار المستثمرون الكبار الهروب، باعوا مليارات الدولارات من الأسهم الأمريكية، بينما اندفع المستثمرون الأفراد لاقتناص الفرصة! إنها واحدة من أكبر المفارقات في وول ستريت حاليًا، وربما أخطرها، لكن ماذا يعني أن تكون الفجوة “تاريخية” في المكاسب بين محترفي السوق والهواة؟ ومن المستفيد؟
المؤسسات تهرب في صمت
بحسب تقرير بنك أوف أمريكا، تخلص المستثمرون المحترفون من أسهم بقيمة 4.2 مليار دولار خلال أسبوع واحد فقط، وهو رقم ضخم يعكس تراجع ثقة المؤسسات الكبرى، أو قراءتها المبكرة لاحتمالات التصحيح في السوق، والأخطر؟ أنهم يبيعون بهذا الشكل بينما المؤشرات تواصل الصعود.
بيع منتظم منذ شهر
ليست صفقة عابرة، بل اتجاه ثابت، فعلى مدار 4 أسابيع متتالية، بلغ متوسط البيع المؤسسي نحو 2 مليار دولار أسبوعيًا، ما يشير إلى قناعة قوية لدى صناديق الاستثمار الكبرى بوجود “خطر كامن”، أو تقييمات مبالغ فيها، أو حتى أحداث جيوسياسية واقتصادية قادمة غير محسوبة.
الأفراد يشترون بثقة عمياء
في المقابل، أظهر المستثمر الفرد، أو ما يُعرف بـ”الريموت تريدر”، ثقة غير عادية، فخلال نفس الأسبوع، ضخ الأفراد 700 مليون دولار في الأسهم، وبلغ متوسط استثماراتهم في الأسابيع الأربعة السابقة 400 مليون أسبوعيًا، بل وخلال 12 أسبوعًا، حافظ الأفراد على وتيرة شراء تصل إلى 1.6 مليار دولار أسبوعيًا!
الفجوة الشعورية” التاريخية
تصف أكاديمية “مدار MTA” هذا الفارق بين سلوك المؤسسات والأفراد بـ”الفجوة الشعورية التاريخية”، إذ يرى المحترفون فرصة للبيع وجني الأرباح أو التحوط، بينما يراها الأفراد “فرصة العمر”. وفي العادة، عندما يتناقض الطرفان بهذا الشكل، تقع المفاجآت.
لماذا ترتفع الأسواق رغم البيع؟
المفارقة أن السوق ما زال في حالة صعود! التفسير يكمن في “الزخم الشرائي” الذي يخلقه الأفراد، مستفيدين من خوارزميات التداول والمنصات الرقمية، لكن تاريخيًا، لا يدوم هذا الزخم طويلًا دون دعم مؤسسي.
ثورة إيلون ماسك تهدد المعادلة
على خط موازٍ، أعلن إيلون ماسك عن إطلاق منصة “X” لخدمة التداول والاستثمار من داخل التطبيق، هذه الخطوة ستمنح الأفراد سهولة غير مسبوقة في الدخول للسوق، وتُكرّس لمنظومة تداول شعبية تتحدى الهيمنة التقليدية لوول ستريت، ما قد يفاقم الفجوة بين “المال الذكي” و”المال العاطفي”.
احتمالات التصحيح تلوح بالأفق
محللو “بلومبرغ” و”CNBC” يرون أن السوق بات على حافة تصحيح محتمل إذا لم تعد المؤسسات لضخ السيولة، ومجرد تراجع بسيط في شهية الأفراد أو اضطراب في بيانات التضخم قد يؤدي لانهيار مفاجئ في الثقة العامة.
هل تتكرر فقاعة 2021؟
يستعيد كثيرون مشهد “ميم ستوكس” وارتفاع أسهم مثل GameStop وAMC في 2021 بفعل الأفراد، ما انتهى بكثير من الخسائر، السؤال الآن: هل ما نراه اليوم هو تكرار محدث لذلك، أم أن هناك عقلًا جماعيًا جديدًا يعيد تشكيل السوق؟
من الرابح في النهاية؟
ربما الأفراد على صواب، أو المؤسسات تخطط لعودة مفاجئة بعد التصحيح، لكن المؤكد أن معركة المشاعر، كما وصفتها أكاديمية MTA، باتت هي المحرك الحقيقي للأسواق، في زمن تتداخل فيه التكنولوجيا مع المال، ويختلط الذكاء الاصطناعي بالشائعات و”التغريدات”.
التركيزات القادمة:
أولًا: دور المؤسسات:
استمرار المؤسسات في البيع قد يزيد الضغوط على السوق. تراقب الأسواق بيانات التضخم، أرباح الشركات الكبرى، والمفاجآت الجيوسياسية كقراءة تصحيحية.
ثانيًا: متانة الطلب الفردي
إذا بدأ الأفراد بالبيع أو تقليص اسهمهم، خصوصًا عند أول هبوط في السوق، قد يفقد السوق دعمه الاستثنائي.
ثالثًا: استراتيجية “X” من إيلون ماسك
دمج التداول داخل منصة “X” قد يجذب شرائح كبيرة جديدة من المستثمرين. مع ذلك، يحذر محللون من “تقلبات فورية أعلى” إذا دخل مستخدمو المنصة دون خبرة مسبقة؛ خصوصًا من أصحاب الأصول الرقمية .