في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات بين إيران وإسرائيل، تشن دول مجلس التعاون الخليجي حملة دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمة ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة تهدد مصالحها الحيوية واستقرار أسواق النفط العالمية.
اتصالات عاجلة على أعلى المستويات
كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، وفقاً لتقرير خاص لشبكة **CNN**، عن سيل من الاتصالات المباشرة التي أجراها قادة السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان مع نظرائهم الإيرانيين خلال الساعات والأيام الماضية. تتركز هذه الجهود على إقناع طهران بضبط النفس وعدم الانجرار إلى رد عسكري واسع النطاق على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مؤخراً منشآت حساسة داخل الأراضي الإيرانية، يُشتبه في ارتباط بعضها بالبرنامج النووي.
خطوط حمراء خليجية واضحة
في الوقت ذاته، نقل المسؤولون الخليجيون رسائل صارمة إلى الإدارة الأمريكية في واشنطن، حددوا فيها خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها:
رفض استخدام الأراضي والقواعد
أكدت الدول الخليجية رفضها القاطع استخدام أراضيها أو القواعد العسكرية الموجودة عليها كمنصة لأي هجوم أمريكي محتمل ضد إيران.
تحذير من تداعيات كارثية:
حذر الدبلوماسيون الخليجيون واشنطن من أن أي توسيع للنطاق الجغرافي للصراع سيضع دول الخليج في موقف بالغ الحساسية، وصفوه بـ **”بين نارين”**. وشددوا على أن عواقب مثل هذا التوسع، خاصة إغلاق مضيق هرمز الحيوي أو استهداف المنشآت النفطية والغازية في الخليج، ستكون ذات تداعيات “كارثية” لا تقتصر على المنطقة، بل تمتد لتطال الاقتصاد العالمي بأسره بسبب الاعتماد الحيوي على إمدادات الطاقة الخليجية.
أصوات تحذر من السيناريو الأسوأ
أعرب مراقبون ودبلوماسيون عن قلق بالغ إزاء الموقف المتأزم:
جهود خليجية غير مسبوقة:
صرح دبلوماسي خليجي لوسائل الإعلام الدولية بأن “لا دولة في العالم تعمل بجهد أكثر من دول الخليج اليوم لتهدئة الوضع”، مشيراً إلى حجم الضغوط والوساطات الجارية.
مخاطر المشاركة في أي هجوم:
حذر البروفيسور الكويتي بدر السيف من العواقب الوخيمة لأي مشاركة خليجية في عمليات عسكرية ضد إيران، واصفاً إياها بـ أسوأ سيناريو ممكن ومشيراً إلى أن طهران لن تتردد في الرد بشكل مباشر وقاس على أي دولة تساهم في ضربها.
الرغبة في الحياد:
أكد محللون استراتيجيون، مثل أولهم فاخرو من مركز بيلفر بجامعة هارفارد، أن جوهر الموقف الخليجي هو تجنب الوقوع في وسط الساحة كمسرح للمواجهة بين القوى المتصارعة، خشية تهديد الأمن القومي الهش وتعطيل تدفق الطاقة.
سياق متشابك ومخاوف إستراتيجية
تأتي هذه المساعي الدبلوماسية الحثيثة على خلفية التصعيد الأخير الذي شهدته العلاقات الإسرائيلية-الإيرانية، والذي تصاعد إلى حد تنفيذ ضربات داخل الأراضي الإيرانية. وتمتد المخاوف الخليجية أبعد من التهديد المباشر للحرب لتشمل:
تجنب الفوضى الإقليمية:
خشية استغلال قوى عالمية منافسة مثل روسيا والصين لأي فراغ أو فوضى ناتجة عن حرب شاملة لتعزيز نفوذها في المنطقة على حساب المصالح الخليجية وحلفائها التقليديين.
تفضيل الحلول الدبلوماسية:
الإصرار على أن خفض التصعيد أفضل من أي حلول عسكرية، وهو المبدأ الذي تروج له العواصم الخليجية في جميع اتصالاتها.
الخلاصة: دبلوماسية الخليج.. حائط صد أمام الانفجار
برزت دول الخليج العربي، مدفوعة بمخاوف وجودية على أمنها واستقرار مصدر رزقها الأساسي (النفط والغاز) الذي يرتبط به استقرار الاقتصاد العالمي، كـ **”رأس حربة دبلوماسية”** في أزمة بالغة التعقيد. تقوم هذه الدول بدور الوسيط النشط، مستخدمة علاقاتها مع جميع الأطراف، في محاولة يائسة لتهدئة الأجواء ووضع سقف للتصعيد. ومع ذلك، تظل التحذيرات جادة: أي خطأ في التقدير، أو أي اشتباك عسكري كبير مباشر بين إسرائيل وإيران، قد يفتح الباب أمام سيناريو كابوسي يشمل:
تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، الشريان الأهم لنقل الطاقة في العالم.
استهداف البنى التحتية النفطية والغازية في الخليج.
سحب أطراف إقليمية ودولية جديدة إلى دائرة الصراع.
تتحرك الدبلوماسية الخليجية في سباق مع الزمن، حيث تُعد جهودها حالياً أحد أهم الحواجز المتبقية لمنع انفجار يصعب احتواؤه في منطقة تعاني أصلاً من أوجاع متعددة. العالم يراقب بقلق ما إذا كانت لغة العقل ستردع شبح الحرب.