في ظل الاعتقادات الدينية المرتبطة بالدعم المطلق لدولة إسرائيل من قِبَل المسيحيين الصهيونيين في أمريكا -المعروفين بالألفيين- تبرز تساؤلات حول موقع الحرب الإسرائيلية على إيران ضمن هذه المعتقدات.
يعتقد هؤلاء أن قيام دولة إسرائيل وتجميع اليهود في فلسطين هو تحقيق لنبوءات العهد القديم وشرط لمجيء المسيح ليحكم ألف عام، مما يُفضي إلى ما يسمونه “الخلاص المسيحاني” في نهاية الزمان.
يزعم أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه مُنح تفويضًا إلهيًا لمواجهة إيران وتحقيق النبوءات المسيحية، وأن تدخله المباشر في هذه الحرب استجابةً لنداء الرب، كما ادعى سفيره في إسرائيل مايك هاكابي.
النظرة الإنجيلية للحرب الإسرائيلية الإيرانية
في مقال بعنوان **”قد تكون النظرة الإنجيلية لمايك هاكابي هي المفتاح”**، ذكرت تريستان ستورم، المحاضرة في الجغرافيا البشرية بجامعة كوينز بلفاست، أن المسيحيين الصهاينة يرون في المواجهة بين إسرائيل وإيران تحقيقًا لنبوءة توراتية بالغة الأهمية.
ونقلت ستورم عن المؤرخ الفرنسي فرانسوا هارتوغ قوله إن الهجوم الإسرائيلي على إيران يُعد خطوة نحو نهاية العالم، خاصةً للمسيحيين الصهاينة الذين يترقبون هذا الحدث بفارغ الصبر.
حرب ذات جذور توراتية
في افتتاحية لمجلة **”تريبيون كريتيان”** الفرنسية بعنوان **”إسرائيل وإيران: هل تتحقق نبوءة حزقيال؟”**، نُشر أن الصراع بين البلدين ليس مجرد تنافس استراتيجي، بل حربًا ذات أصول توراتية تنبأ بها النبي حزقيال قبل آلاف السنين.
واستشهدت المجلة بنص منسوب للنبوءة: “يا ابن آدم، وجّه وجهك نحو أرض مأجوج.. وتنبأ عليها.. واخرج أنت وكل جيشك.. معهم فارس وكوش.. إلى أرض مستعادة.. سأكسرك أنت وجيشك على جبال إسرائيل.”
وفسرت المجلة أن الصهاينة الدينيين يرون في هذه النصوص إشارة إلى أحداث العصر الحالي: تجميع اليهود، ثم هجوم تحالف من الشمال (بما فيه بلاد فارس “إيران”)، تليه حرب شاملة.
وأضافت أن تصاعد نفوذ التيارات الدينية والقومية في إسرائيل يعزز الجانب الروحي لهذه الحرب، التي تُعتبر خطوة نحو “الخلاص” الموعود. كما أشارت إلى أن الجانب الإيراني يمتلك هو الآخر بُعدًا دينيًا، حيث ينتظر الشيعة الإثني عشرية ظهور المهدي المنتظر.
هل الحرب الحالية تحقيق للنبوءات؟
في مقال على موقع **”هارفست”** الأمريكي، تساءل القس جريج لوري: هل يمثل الصراع الإسرائيلي الإيراني تحقيقًا لنبوءة نهاية العالم؟ فأجاب: “نعم ولا. فقد تحققت نبوءة تجميع اليهود في 1948، لكن ما نراه الآن ليس تحقيقًا كاملًا للنبوءة، بل إنذارًا بها.”
وأشار إلى أن الكتاب المقدس تنبأ بزيادة عزلتهم وارتفاع معاداة السامية، وهو ما يحدث حاليًا.
ترامب والمرسوم الإلهي
برزت النظرة الصهيونية المسيحية للحرب في رسالة مايك هاكابي لترامب، حيث كتب: “لقد نجاك الله في بنسلفانيا.. أعتقد أنك ستسمع صوتًا من السماء أهم من صوتي أو أي شخص آخر.”
واعتبرت الباحثة ستورم أن هاكابي أحد أبرز المسيحيين الصهاينة، وأن أنصار ترامب يرونه أداة إلهية لمواجهة إيران، مقارنينه بـ:
– الملكة إستر- (التي أنقذت اليهود من الخطر)، والملك كورش (الذي حرر اليهود من السبي البابلي).
لكن المفارقة أن بعض هذه المعتقدات تقول إن معظم اليهود سيهلكون في الحرب، باستثناء قلة ستتحول للمسيحية.
إيران في النبوءات التوراتية
نقل موقع “شبكة ترينيتي” عن القس جويل روزنبرغ قوله إن نبوءتين تتعلقان بإيران: نبوءة حزقيال عن حرب يأجوج ومأجوج، ونبوءة إرمياالتي تقول: “سأضع عرشي في عيلام (إيران)” وفسر روزنبرغ أن ذلك يعني تحول إيران من دولة معادية إلى مركز للإيمان المسيحي!
لماذا تحولت إيران إلى عدو؟
بحثت دراسة على موقع **”إغليز ديي فيفان”** أسباب العداء الإيراني لإسرائيل بعد 1979، وخلصت إلى أن الفرس تاريخيًا لم يكونوا أعداءً لليهود، لكن النظام الحالي في إيران -برأيها- يسيطر عليه “أقلية عماليقية” معادية، مستشهدة بتشابه اسم “الخميني” مع “هامان” العماليقي في الكتاب المقدس.
هل النبوءات دقيقة؟
شكك راسل مور، رئيس تحرير **”كريستيانيتي توداي”**، في مصداقية ربط النبوءات بالأحداث الجيوسياسية، مستذكرًا تنبؤات سابقة فشلت، مثل: أن الاتحاد السوفياتي هو “يأجوج ومأجوج”، و أن صدام حسين هو “نبوخذنصر الجديد”.
ورغم ذلك، لا تزال هذه النبوءات تجد جمهورًا يؤمن بها، مما يزيد من خطورة الصراع عندما يُعتقد أن كل طرف يحارب باسم الله.