تأتي الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية في لحظة حرجة للاقتصاد العالمي، حيث تتوقف التوقعات الاقتصادية على مدى حدة الرد الإيراني، وفقًا لتقرير نشرته بلومبيرغ.
في الأشهر الأخيرة، خفض البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وصندوق النقد الدولي، توقعاتهم للنمو العالمي. وأشارت بلومبيرغ إلى أن أي ارتفاع كبير في أسعار النفط أو الغاز الطبيعي، أو اضطرابات في التجارة نتيجة تصعيد الصراع، ستكون عوامل إضافية تعيق نمو الاقتصاد العالمي.
الرد الإيراني
كتب محللون اقتصاديون في بلومبيرغ، بينهم “زياد داود”، في تقريرهم: “سنرى كيف سترد طهران، لكن من المرجح أن يدفع الهجوم الصراع نحو مزيد من التصعيد. بالنسبة للاقتصاد العالمي، يزيد اتساع النزاع من خطر ارتفاع أسعار النفط وزيادة التضخم”.
تضاف هذه المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة إلى احتمال ارتفاع الرسوم الجمركية في الأسابيع المقبلة، مع اقتراب انتهاء تعليق الرئيس دونالد ترامب للرسوم “التبادلية” المرتفعة. ومن المتوقع أن يكون التأثير الاقتصادي الأكبر لصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط هو ارتفاع أسعار النفط.
بعد الضربة الأمريكية، ارتفع سعر أحد المشتقات النفطية، الذي يتيح للمستثمرين المضاربة على تقلبات النفط، بنسبة 8.8% في أسواق “آي جي ويك إند ماركتس” (وهي أداة تداول تستخدم أثناء إغلاق الأسواق). إذا استمر هذا الارتفاع عند استئناف التداول، توقع الخبير الاستراتيجي في “آي جي” (IG)، وتوني سيكامور، أن تفتتح العقود الآجلة لخام “غرب تكساس الوسيط” عند حوالي 80 دولارًا للبرميل يوم الاثنين.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الكثير سيعتمد على التطورات القريبة. فقد صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن الهجمات الأمريكية “شنيعة وستكون لها عواقب وخيمة”، مستندًا إلى ميثاق الأمم المتحدة بشأن حق الدفاع عن النفس، مؤكدًا أن إيران تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها وشعبها.
3 سيناريوهات للرد الإيراني
رصدت بلومبيرغ إيكونوميكس، ثلاثة خيارات محتملة لرد فعل إيران: اولها هجمات على أفراد وممتلكات أمريكية في المنطقة،، والثانى استهداف البنية التحتية للطاقة في المنطقة، والثالث إغلاق مضيق هرمز، نقطة الاختناق البحرية، باستخدام ألغام بحرية أو مضايقة السفن المارة.
في السيناريو الأكثر تطرفًا، وهو إغلاق مضيق هرمز، قد يرتفع سعر النفط الخام إلى أكثر من 130 دولارًا للبرميل، وفقًا لتحليلات متعددة. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى نحو 4% في الصيف، مما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) والبنوك المركزية العالمية إلى تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة.
يمر حوالي خُمس الإمدادات النفطية العالمية يوميًا عبر مضيق هرمز، الذي يقع بين إيران ودول الخليج العربية مثل السعودية. ورغم أن الولايات المتحدة مصدر صافٍ للنفط، فإن ارتفاع الأسعار سيزيد التحديات الاقتصادية التي تواجهها بالفعل. وقد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي هذا العام من 1.7% إلى 1.4%، في ظل تأثير الرسوم الجمركية وارتفاع الأسعار.
من جهة أخرى، ستواجه الصين، باعتبارها أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، العواقب الأكبر لأي انقطاع في الإمدادات، رغم أن مخزوناتها الحالية قد توفر بعض الحماية.
تأثير إغلاق مضيق هرمز على الغاز الطبيعي
أفادت بلومبيرغ بأن أي تعطيل للشحن عبر مضيق هرمز سيؤثر بشدة على سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي. فـدولة قطر، التي تمثل 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، تعتمد على هذا الممر للتصدير دون وجود بدائل. وقد يؤدي الإغلاق إلى خفض المعروض العالمي من الغاز، مما يرفع الأسعار في أوروبا بشكل كبير.
ورغم مخاوف المستثمرين من انقطاع الإمدادات في حال تصاعد الأعمال العدائية، فإن تحالف أوبك+ ، بما في ذلك السعودية، يمتلك طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة يمكن تفعيلها. كما قد تلجأ وكالة الطاقة الدولية إلى إطلاق مخزونات الطوارئ لتهدئة الأسعار.
وصرح بن ماي، مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، في تقرير صدر قبل التصعيد الأخير: “تمثل التوترات في الشرق الأوسط صدمة سلبية جديدة للاقتصاد العالمي الضعيف أصلاً. فارتفاع أسعار النفط وما يرافقه من تضخم سيشكلان تحديًا كبيرًا للبنوك المركزية”.
