رغم غيابها اللافت عن الاتفاقات الإقليمية والدولية الأخيرة، خصوصًا المتعلقة بوقف إطلاق النار بين إيران والكيان، تواصل غزة تقديم نموذج فريد في المقاومة المسلحة منفردة..
وقد نفذت فصائل المقاومة خلال الأيام الماضية عدة عمليات استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية في محيط غزة، بعضها لم يُعلن عنه رسميًا.
ووفقًا لتقارير نشرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية اليوم، فإن كتائب القسام وسرايا القدس تبادلتا إطلاق نار مع قوات الاحتلال في شمال القطاع دون إصابات معلنة، في تصعيد موضعي يعكس استمرار التوتر.
وقال الباحث السياسي الدكتور حسام الدجني في تصريح لـ”الجزيرة نت” إن “غزة أصبحت خارج إطار الحسابات الإقليمية الآنية، فالاتفاق بين إيران وإسرائيل بوساطة أميركية لم يتضمن أي ضمانات لغزة،
وهذا يضع المقاومة أمام تحدي الصمود الذاتي دون مظلة ردع خارجية”. وأضاف: “هذا التراجع في الدعم المعلن يتزامن مع انشغال حزب الله في ترتيبات تخص الجبهة الشمالية للبنان، وهو ما يقلّص التنسيق العملياتي الذي اعتاد عليه محور المقاومة في جولات التصعيد السابقة”.
من جهته، كشف مصدر أمني فلسطيني لمراسل صحيفة “القدس العربي” أن غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة قررت خلال الأيام الماضية اعتماد تكتيك “الضربات غير المعلنة” في رسائل ميدانية إلى الاحتلال، دون إعلان التصعيد رسميًا، لتجنّب تدخلات إقليمية تقيّد رد الفعل الغزي.
وفي طهران، لم تُدلِ الخارجية الإيرانية بأي تعليق رسمي بشأن موقفها من التصعيد المحدود في غزة.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة “فارس”، فإن تركيز إيران ينصب حاليًا على ما تسميه “تأمين الجبهات المباشرة” في الجنوب اللبناني ومضيق هرمز، وسط تصعيد متبادل مع إسرائيل والولايات المتحدة. هذا التجاهل نسبيًا للوضع في غزة أثار انتقادات داخلية،
حيث أشار المحلل الإيراني أمير موسوي في لقاء مع قناة “الميادين” إلى أن “توقيت تجاهل غزة خطير، فالمعركة ليست فقط بالصواريخ بل بالموقف، والسكوت يُقرأ تخليًا”.
ورأى المحلل الفلسطيني إبراهيم المدهون، في مقال له بصحيفة “فلسطين”، أن المقاومة في غزة باتت تدرك محدودية الاعتماد على الأطراف الإقليمية، وتركز الآن على تطوير قدراتها الذاتية والميدانية لتظل فاعلًا مستقلًا رغم ظروف الحصار والإهمال.
ومع استمرار التحركات الخفية للمقاومة، وتراجع الاهتمام الإقليمي الفعلي بالقضية الفلسطينية في هذه المرحلة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع غزة أن تواصل مقاومتها منفردة في ظل هذا المشهد المعقد؟