تشير استطلاعات رأي متعمقة إلى تحول جذري في الخريطة السياسية في المملكة المتحدة، مع تصدر حزب الإصلاح (Reform UK)، بقيادة السياسي اليميني المعروف نايجل فاراج، قائمة الأحزاب الأكثر حصولًا على المقاعد البرلمانية المحتملة، في حال أجريت الانتخابات العامة في الوقت الراهن.
بحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة Survation لصالح Sky News في يونيو 2025، باستخدام منهجية التحليل متعدد المستويات وما بعد التقسيم الطبقي (MRP)، يتوقع أن يحصد حزب الإصلاح 377 مقعدًا من أصل 650 في مجلس العموم البريطاني، بنسبة تصويت شعبي تبلغ نحو 31%.
تراجع تاريخي للأحزاب التقليدية
في المقابل، أظهرت نتائج الاستطلاع تراجعًا كبيرًا في أداء الأحزاب التقليدية:
حزب العمال: 118 مقعدًا (22%)
حزب المحافظين: 29 مقعدًا فقط (19%)
الديمقراطيون الليبراليون: 81 مقعدًا، متقدمين على المحافظين
حزب الخُضر وبلايد كامري: 7 مقاعد لكل منهما
أما استطلاع MRP السابق الذي أجرته YouGov في فبراير 2025، فأشار إلى أن حزب الإصلاح قد يحصل على 271 مقعدًا، ما يعكس توجهًا تصاعديًا ثابتًا في شعبيته.
صعود شعبوي مدفوع بالأزمات
تأسس حزب الإصلاح عام 2018، واستفاد من تراجع ثقة الشارع البريطاني في الأحزاب الكبرى، مدفوعًا بالأزمات الاقتصادية، والهجرة، وتردي الخدمات العامة.
يرفع الحزب شعارات مثل “الهجرة الصفرية”، ويدعو إلى خفض الضرائب على الشركات الصغيرة، ما جعله خيارًا مفضلًا لدى قطاعات واسعة من الطبقة العاملة المتضررة من التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
أثار تقرير إعلامي ضجة واسعة حول تبرع محتمل من رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك بقيمة 100 مليون دولار لدعم حزب الإصلاح.
ورغم عدم تأكيد الرقم رسميًا، فإن عضوية الحزب ارتفعت إلى أكثر من 120 ألف عضو بنهاية عام 2024، وهو رقم بات قريبًا من عضوية حزب المحافظين، وفقًا لتقارير من الشرق الأوسط وتليجراف.
في انتخابات مايو المحلية 2025، حقق حزب الإصلاح مكاسب ملموسة شملت:
الفوز بمقعد برلماني في رونكورن وهيلسبي
السيطرة على منصب عمدة لينكولنشاير الكبرى
عشرات المقاعد في المجالس المحلية
وقد حصل على 32% من الأصوات الشعبية، متفوقًا على حزب العمال (19%) والمحافظين (18%).
تحديات النظام الانتخابي
رغم الزخم، يحذر محللون من أن نظام التصويت البريطاني (الأغلبية البسيطة) قد يعرقل ترجمة الدعم الشعبي إلى تمثيل برلماني فعلي.
ففي انتخابات عام 2024، حصل الحزب على 14% من الأصوات، لكنه لم يفز سوى بـ5 مقاعد فقط، بسبب تشتت الأصوات على الدوائر.
انعكاسات محتملة على السياسة البريطانية
إعادة تموضع الأحزاب: قد يدفع هذا التحول حزب العمال لتبني مواقف أكثر يمينية، بينما يخشى المحافظون فقدان قاعدتهم التقليدية.
سياسات مثيرة للجدل: تطبيق سياسات الحزب، مثل وقف الهجرة غير النظامية أو إلغاء أهداف الانبعاثات الصفرية، قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسة العامة.
شخصية فاراج: يحافظ فاراج على حضور جماهيري وإعلامي قوي بفضل خطابه الحاد، حيث وصف في تصريح سابق زعيم حزب العمال كير ستارمر بـ”عدو الوطن”، ما أثار انتقادات واسعة.
يمثل صعود حزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج تحولًا غير مسبوق في السياسة البريطانية الحديثة، ما يعكس مستوى الإحباط الشعبي من أداء الحزبين التقليديين.
ومع اقتراب انتخابات 2029، تبقى نوايا التصويت متغيرة، ما يستدعي متابعة دقيقة لمجريات الأحداث، واستطلاعات الرأي المستقبلية من مؤسسات موثوقة مثل YouGov وSurvation.