سؤال: كتبت إليّ الدكتورة جنان يوسف:
السلام عليكم شيخنا، كيف حالكم؟ شيخنا قرأت هذا الأثر عن الإمام أحمد وانصدمت به، قال الإمام أحمد بن حنبل: رأيت رب العزة عز وجل في النوم، فقلت: يا رب ما أفضل ما تقرب المتقربون به إليك؟ فقال: كلامي يا أحمد، فقلت: يا رب بفهم أو بغير فهم؟ قال: بفهم وبغير فهم.
ما رأيك فيه؟
الجواب:
قلت: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إمام جليل، حديثه حجة، وفقهه مثل فقه أئمة الأمصار أبي حنيفة ومالك والثورى والأوزاعي والليث والشافعي رحمهم الله، ورؤياه رؤيا، وليست حديثا ولا فقها، وإن ثبتت احتاجت إلى التأويل، ورؤيا الأنبياء عليهم السلام لها تأويل، فكيف برؤيا غيرهم؟
ويجوز أن يرى الإنسان ربه في المنام، وقد نقل ذلك عن غير واحد من الصالحين، وكذلك ورد عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في غير قصة رؤيته الله تعالى، غير أن هذه الرؤيا لا تصح نسبتها إلى الإمام أحمد، قال الخلال في المجالس العشرة: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم المقرئ حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد النهاوندي المعروف بالطرسوسي قال سمعت عبد الله بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: رأيت رب العزة عز وجل في النوم، فذكره.
فيه: أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم المقرئ، ليس بثقة، وقد اتهم بالكذب، قال الحافظ أبو بكر الخطيب في ترجمته في تاريخ بغداد:
أحمد بن محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم، أبو الحسن المقرئ العطار، كان يظهر النسك والصلاح، ولم يكن في الحديث ثقة، حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف يقول: أَبُو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن بن مقسم العطار المقرئ البغدادي حدث عمن لم يره، ومن مات قبل أن يولد. سمعت أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق يقول: قال لي أبو الحسن بن مقسم: اكتب لي من أحاديث محمود بن محمد الواسطي. قال: فقلت له: متى سمعت منه؟ قال: وما كتبت له شيئا! قال حمزة: وسمعت الدارقطني وجماعة من المشايخ تكلموا في ابن مقسم، وكان أمره أبين من هذا.
سألت أبا نعيم الحافظ عن أحمد بن محمد بن مقسم. فقال: لين الحديث. سمعت أبا القاسم الأزهري يقول: لم يكن أبو الحسن بن مقسم ثقة، وقد رأيته. وسمعته ذكره مرة أخرى. فقال: كان كذابا، وقال ابن أبي الفوارس: كان سيئ الحال في الحديث، مذموما ذاهبا، لم يكن بشيء البتّة. (انتهى ملخصا من تاريخ بغداد).
قلت: إن صحت هذه الرؤيا، فلعلها كانت مختصرة، فزيد فيها، والظاهر أن قوله: “فقلت: يا رب بفهم أو بغير فهم؟ قال: بفهم وبغير فهم” من إدراج ابن مقسم، إن لم يكن الحديث كله من وضعه، والله أعلم بالصواب.