مضر أبو الهيجاء
لا شك بأن مضمون وفعل وتاريخية المجلس الإسلامي السوري أهم من صنمية ودلالات السيف الدمشقي، وأكثر فاعلية وجدية وتأثيرا من أثر معزوفة الأموية السورية كل صباح ومساء!
أرض الشام عطشى للإصلاح فمن يروي نواحيها؟
أرض الشام لا تحتاج لمجلس إسلامي سوري واحد بل الى مائة مجلس إسلامي، عساها تحيط بربع المطلوب في مجال الدعوة والإصلاح وترميم البناء المشوه فيها منذ حلول البعث واقتلاعه للأرضية الإسلامية وتشويهها في سورية.
وفي ظل السعار الأمريكي الصليبي والإسرائيلي الصهيوني والإيراني الطائفي والعربي الجاهلي، وفي ظل امتدادات أذرع كل ما سبق في الداخل السوري، وفي ظل هشاشة الدولة المستباحة سياسيا من طرف الراعي الأمريكي، وأمنيا من طرف كلب أمريكا المسعور إسرائيل، واقتصاديا من قبل النظام العربي المبتز والمتصل بالأمريكان والإسرائيليين …
في ظل كل تلك الصورة المشبعة بالمخاطر والمثقلة بالتحديات، فإن سورية الجديدة بحاجة إلى أطر كثيرة ومتعددة لا تنافس الدولة أو تضعفها، بل ترمم ضعفها وتسد ثغراتها وتملأ نواقصها وتعزز دورها في الاتجاه القويم.
الدولة السورية معرضة للضعف والاختطاف!
قد تضعف الدولة العادلة والمسلمة أمام مخاطر وتحديات قائمة أو قادمة، وفي تلك الحالة الواردة لا ينقذ شعبها ومساره إلا صوت وإجماع ومركزية دور العلماء -كما في كل حقب التاريخ الإسلامي-، الأمر الذي يعززه وجود أطر متفاعلة مع الناس، لاسيما إذا كانت مثل المجلس الإسلامي السوري الذي يضم فسيفساء الاتجاهات الاسلامية السورية بشكل متصالح ومتفاهم، فلماذا يتم حله بعد أن اكتسب تاريخية تراكمية أهم من رمزية السيف الدمشقي الصامت؟
إضعاف الصبغة الإسلامية لسورية مطلب أمريكي وعربي جاهلي!
إن أهمية المحافظة على إطار المجلس الإسلامي السوري في تلك الفترة الضاغطة، تأتي انطلاقا من وجوب التصدي لمحاولات المشاريع المحيطة بسورية لتفريغ الدولة من كل أوزانها وصبغتها الإسلامية الشرعية الرسمية، قبل الانتقال لتفريغ وتشويه المكنون الديني الشرعي في الحالة الشعبية!
حل المجلس الإسلامي السوري خسارة سياسية!
إن غول التطبيع المسعور على سورية يحتاج لأطر جامعة مقررة وموجهة، بخلاف الدولة التي قد تضعف، وهي فعلا ضعيفة وهشة، فمن الذي سيوازن الخيارات السياسية الشعبية عندما تخضع رجالات الدولة ومؤسساتها للأوضاع القهرية، أو عندما يبدأ مسلسل الإكراهات السياسية؟
إن المجلس الإسلامي السوري يوازي منظمة التحرير الفلسطينية زمن فاعليتها، -مع فارق التشبيه ووجود الملاحظات عليها-.
كان الأولى تقاسم الأدوار بين الدولة السورية والمجلس الإسلامي السوري، لاسيما وأنهما وسيلتان وليسوا هدفين!
ولادة الإطار الموازي والأصيل!
لابد من خلق وتعزيز أطر نصف رسمية ونصف شعبية تشكل صمام أمان للتجربة الإسلامية في سورية، فالاكتفاء بالدولة دون دور طليعي مؤطر للعلماء ينذر بخطر اختطاف الدولة، لاسيما وهي هشة!
الاختراق القادم لتنظيم فتح الله جولن السوري!
لن يهدأ ولن يكل ولن يمل الأمريكان حتى يصنعوا جسدا متدينا موازيا يحل في أجهزة الدولة ليكون بالمرصاد لأي محاولة نهضة عربية وإسلامية وانعتاق جاد من هيمنة أمريكا السياسية.
إن حل المجلس الإسلامي السوري لا يعني إلا حلول الجسد غير الإسلامي في محله، لذلك وجب على العلماء والدعاة والأحرار صناعة البديل، فلا قدسية للأسماء والأطر فجميعها وسائل وليست غايات، إنما القدسية للمضامين المرتبطة برسالة السماء.
وإن الذي استوعب الشيشان والتركستان -وفاء لدورهم في نصرة الثورة- في ظل الاعتراض الدولي على تواجد غير السوريين على أرض الشام، يستطيع أن يستوعب أهم مكون إسلامي جماعي سوري خالص، تشكل من رحم الثورة السورية المباركة!
اللهم إن مصر قد أفلتت من بين أيدينا، وإن العراق قد تمزق وتقطعت أوصاله، وإن اليمن والسودان قد تاه وتفرق وأفقر أهله، وإن ليبيا قد أقحمت في عبث دائم، وإن تونس قد دفنت، وها هي فلسطين تحرق .. اللهم فلا تحرمنا من الشام المبارك الآمن، اللهم واجعل أرضه منطلقا لتوحيد المسلمين بعد أن ينعتق من ترامب الرجيم ويصمد أمام كلبه المسعور إسرائيل.
مضر أبو الهيجاء جنين-فلسطين 29/6/2025