يُعتبر لقب “قضاة الموت” وصفًا دقيقًا لشريحة من القضاة في النظام الإيراني الذين تحولوا من حماة القانون إلى أدوات قمع وظلم، شاركوا بشكل مباشر في تعذيب السجناء السياسيين وسجناء الرأي، وأصدروا آلاف أحكام الإعدام والسجن المشدد.
هؤلاء القضاة، الذين كان من المفترض أن يكونوا رموز العدالة، أصبحوا بحسب عدد من المراقبين والمنظمات الحقوقية الدولية رموزًا للعنف والظلم في ذاكرة الشعب الإيراني.
ولم تكن السلطة القضائية في إيران عبر أكثر من أربعة عقود ملاذًا للمظلومين، بل تحولت إلى ذراع قمعي للنظام الديني الاستبدادي.
حيث أُخضع القضاء لمبدأ “ولاية الفقيه”، الذي يجعل رأي المرشد الأعلى فوق القانون، مما أدى إلى فقدان استقلال القضاء وتحويل القضاة إلى منفذين لأوامر النظام دون مراعاة للعدالة أو حقوق الإنسان.

برز في التاريخ الإيراني الحديث عدد من قضاة الموت الذين تركوا أثرًا دامياً، صاروا أداة بيد حكم الفقيه للتنكيل بالمعارضين وإصدار احكام بالاعدام دون سند من دستور او قانون وعلي رأسهم صادق خلخالي: الذي أصدر أحكام إعدام جماعية بعد الثورة الإيرانية دون محاكمات عادلة. وأسد الله لاجوردي: المعروف بـ”جلاد إيفين” الذي مارس التعذيب والإجبار على الاعترافات القسرية.
كما تضم القائمة محمدي گيلاني: حاكم الشرع ومدعي عام الثورة، الذي لم يرحم حتى أبناءه بسبب نشاطهم السياسي
ويضاف الي ذلك براهيم رئيسي، حسين علي نيري، مصطفى بورمحمدي، ومرتضى إشراقي: أعضاء “لجان الموت” التي نفذت مجزرة السجناء السياسيين في صيف 1988، حيث أُعدم آلاف السجناء خلال دقائق معدودة.
كما استمر هذا النهج مع قضاة جدد مثل سعيد مرتضوي، المعروف بـ”جزار الصحافة”، والقاضي حسن مقيسه، وعلي رازيني، الذين أصدروا أحكامًا قاسية ضد المحتجين والصحفيين.
وقدتحولت المحاكم في إيران إلى مسرحيات صورية، حيث تُصدر الأحكام مسبقًا، ولا يُسمح للمتهمين بالدفاع أو بالحصول على محامٍ مستقل. هذا النظام القضائي يفتقر إلى الشفافية ويُستخدم كأداة لقمع المعارضة وإسكات الأصوات الحرة.

رغم وفاة بعض قضاة الموت، مثل إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، فإن العديد منهم ما زالوا في السلطة أو لم يُحاسبوا على جرائمهم. الشعب الإيراني وعائلات الضحايا يطالبون بمحاكمات علنية ودولية لهؤلاء القضاة كخطوة نحو إحقاق العدالة.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن يُفتح ملف هذه الجرائم أمام نظام قضائي شفاف ومستقل، حيث لن يفلت أي قاضٍ أو جلاد من المساءلة، وسيتم تحقيق العدالة التي طال انتظارها.
ومن المهم الإشارة إلي أن تاريخ “قضاة الموت” في النظام الإيراني هو شهادة دامغة على انحراف السلطة القضائية عن مسار العدالة وتحولها إلى أداة قمع وظلم. ومع تصاعد مطالب الشعب الإيراني بالحرية والكرامة، يظل تحقيق العدالة والمساءلة القضائية ركيزة أساسية لبناء مستقبل ديمقراطي وإنساني في إيران.