تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا يشمل الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، استمرار الأزمة الإنسانية في غزة، وجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق تهدئة إقليمية. في 22 يونيو 2025، قدمت روسيا والصين وباكستان مسودة قرار إلى مجلس الأمن الدولي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، مع التركيز على الأزمة الإيرانية. في الوقت نفسه، يسعى ترامب إلى فرض خطة مثيرة للجدل لإعادة إعمار غزة وإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
مسودة قرار مجلس الأمن
في 22 يونيو 2025، قدمت روسيا والصين وباكستان مسودة قرار إلى مجلس الأمن ردًا على الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو، نطنز، وأصفهان. تشمل بنود المسودة، وفقًا لتقارير رويترز والأمم المتحدة:
وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار: لمنع التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.
إدانة الهجمات على المنشآت النووية: وصف الهجمات كتهديد للسلم والأمن الدوليين، نظرًا لخضوع المنشآت لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA).
دعم الحل الدبلوماسي: اقتراح ضمانات دولية لضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات.
احترام ميثاق الأمم المتحدة: التأكيد على حماية المنشآت النووية السلمية.
وصف المندوب الروسي فاسيلي نبينزيا المسودة بأنها “متوازنة وقصيرة”، تهدف إلى عكس موقف أغلبية أعضاء مجلس الأمن.
لماذا تقدمت روسيا والصين وباكستان بهذا المشروع؟
روسيا: كحليف استراتيجي لإيران، تسعى موسكو لحماية سيادة طهران ومواجهة النفوذ الأمريكي. الرئيس فلاديمير بوتين وصف الضربات بأنها “غير مبررة” و”تدفع العالم نحو خط خطر”.
الصين: تهدف بكين إلى استقرار المنطقة لضمان تدفق النفط عبر مضيق هرمز، وتعارض التدخلات الأحادية. مندوب الصين عبر عن “قلق عميق” من التصعيد.
باكستان: كدولة إسلامية وجارة لإيران، تتضامن إسلام أباد مع طهران وتسعى لتعزيز دورها الدبلوماسي. مندوبها عاصم إفتخار أحمد وصف الهجمات بـ”المقلقة للغاية”.
موقف الولايات المتحدة وإسرائيل
الولايات المتحدة: تعارض المسودة، معتبرة أنها تنتقد ضرباتها العسكرية بشكل غير مباشر. المندوبة الأمريكية دوروثي شيا دافعت عن الهجمات، مشيرة إلى أنها ضرورية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية.
إسرائيل: تدعم الضربات، واصفة إيران بـ”التهديد الوجودي”. المندوب الإسرائيلي داني دانون أكد أن الهجمات ضرورية لحماية إسرائيل والعالم.
موقف الأمين العام للأمم المتحدة
أنطونيو غوتيريش وصف التصعيد بأنه “منعطف خطير”، داعيًا إلى وقف الأعمال العدائية والعودة إلى المفاوضات. تصريحاته تعكس:
تحذير من حرب إقليمية: الخوف من توسع الصراع مع رد إيران بضربات على قاعدة العديد في قطر.
دعم الدبلوماسية: التأكيد على الحوار كحل وحيد.
ضغط على مجلس الأمن: دعوة لتحمل مسؤولياته في الحفاظ على السلم.
تعامل الدول الدائمة مع المسودة وتوقع الفيتو
روسيا والصين: تدعمان المسودة بقوة.
الولايات المتحدة: من المتوقع أن تستخدم الفيتو بسبب انتقاد المسودة لضرباتها.
المملكة المتحدة وفرنسا: تميلان إلى الامتناع عن التصويت، داعمتين الدبلوماسية لكن دون معارضة صريحة للولايات المتحدة.
توقع الفيتو: معارضة الولايات المتحدة تجعل الفيتو محتملاً، مما يعرقل تمرير القرار.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) أكدت عدم وجود تسرب إشعاعي خارج المواقع المستهدفة، لكن استمرار الهجمات قد يؤدي إلى:
تسرب نووي إذا تضررت منشآت تحتوي على مواد مشعة.
تلوث بيئي محلي نتيجة الأضرار في أنظمة التخزين أو التبريد.
التصعيد محتمل بسبب:
رد إيران بضربات صاروخية على قاعدة العديد.
إمكانية تدخل وكلاء إيران (حزب الله، الحوثيين) في لبنان واليمن.
تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، مما يهدد إمدادات النفط العالمية. لكن هدنة هشة توسطت فيها الولايات المتحدة في 24 يونيو 2025 قللت مؤقتًا من المخاطر.
من غير المرجح تمرير القرار بسبب الفيتو الأمريكي المحتمل. السيناريوهات تشمل:
رفض القرار عبر الفيتو.
تعديل النص ليكون أكثر قبولًا.
تصويت رمزي لإبراز الانقسام الدولي.
الانقسام في مجلس الأمن
روسيا، الصين، باكستان: يدعمون إيران والدبلوماسية.
الولايات المتحدة، إسرائيل: يدافعون عن الضربات كضرورة أمنية.
المملكة المتحدة، فرنسا: مواقف وسطية تدعو إلى ضبط النفس. هذا الانقسام يشبه أزمات سابقة مثل غزو العراق (2003) والأزمة السورية (2011-2013).
تأثير على الاتفاق النووي
الضربات أخرت البرنامج النووي الإيراني لكنها لم تدمره.
إيران علقت تعاونها مع الوكالة الدولية، مما يثير مخاوف من تطوير أسلحة نووية.
فرص إحياء الاتفاق النووي (JCPOA) تراجعت، خاصة مع انتهاء القيود النووية في أكتوبر 2025.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة والجزيرة، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة بحلول يوليو 2025:
الخسائر البشرية: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني منذ يونيو 2025، مع إجمالي 159 ألف شهيد وجريح منذ أكتوبر 2023.
الحصار الإسرائيلي: قيود صارمة على دخول المساعدات، مع هجمات على نقاط توزيع الإغاثة.
تدهور الوضع الصحي: نقص حاد في الغذاء، الماء، والدواء، مع انهيار القطاع الصحي.
في فبراير 2025، أعلن ترامب خطة للسيطرة الأمريكية على غزة، وصفها بتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”:
إعادة توطين الفلسطينيين: نقل السكان إلى مصر والأردن ودول أخرى، مع حرمانهم من حق العودة.
إعادة إعمار: استثمارات عقارية بقيادة خبراء دوليين، بما في ذلك جاريد كوشنر.
إنهاء سيطرة حماس: إزاحة حماس من الحكم.
فلسطينيون: رفضت حماس الخطة، واصفة إياها بـ”التطهير العرقي”.
دول عربية: مصر والأردن رفضتا التهجير، مؤكدتين دعم حل الدولتين.
الأمم المتحدة: وصفت الخطة بأنها “غير قانونية” و”غير واقعية”.
جهود ترامب للتهدئة في غزة
مفاوضات مع نتنياهو: طالب ترامب في يونيو 2025 بإنهاء الحرب في غزة والتوقف عن تهديد إيران.
هدنة لمدة 60 يومًا: أعلن في يوليو 2025 موافقة إسرائيل على هدنة، لكنها انهارت بسبب رفض نتنياهو الانسحاب الكامل.
إدارة عربية: اقتراح إدارة غزة بقيادة مصر والإمارات.
دعم إنساني: تقديم 30 مليون دولار لتوزيع المساعدات عبر مجموعة مدعومة من إسرائيل.
تهديدات لحماس: حذر ترامب حماس من “عواقب وخيمة” إذا لم تفرج عن الرهائن.
التحديات:
رفض نتنياهو للانسحاب من غزة تحت ضغط ائتلافه اليميني.
إصرار حماس على ضمانات أمنية قوية.
تفاقم الأزمة الإنسانية يعيق التقدم.
التداعيات الإقليمية
مضيق هرمز: تهديد إيران بإغلاق المضيق يهدد إمدادات النفط العالمية.
اتفاقات أبراهام: السعودية تربط التطبيع مع إسرائيل بحل القضية الفلسطينية.
وكلاء إيران: حزب الله والحوثيون قد يوسعون الصراع إلى لبنان واليمن.
غزة والأزمة الإيرانية: التصعيد بين إيران وإسرائيل يؤثر على غزة عبر دعم إيران لحماس.
هل يمكن تحقيق التهدئة؟
نقاط القوة:
نفوذ ترامب على إسرائيل يعزز فرص التفاوض.
الهدنة بين إيران وإسرائيل توفر نافذة للتركيز على غزة.
التحديات:
خطة ترامب لغزة تواجه معارضة دولية وعربية.
الفيتو الأمريكي المحتمل يعرقل مسودة القرار.
تصلب مواقف إسرائيل وحماس يعيق الهدنة.
التوقعات: نجاح التهدئة يتطلب حوارًا شاملًا يحترم حقوق الفلسطينيين، يعالج مخاوف إسرائيل، ويحتوي التوترات مع إيران.
أزمة الشرق الأوسط في 2025 تجمع بين التصعيد العسكري مع إيران، الأزمة الإنسانية في غزة، وجهود ترامب المثيرة للجدل للتهدئة. مسودة قرار مجلس الأمن تعكس انقسامًا دوليًا، مع احتمال فشلها بسبب الفيتو الأمريكي. خطة ترامب لغزة، رغم طموحها، تواجه رفضًا واسعًا بسبب انتهاكها للقانون الدولي. الحل يتطلب دبلوماسية متوازنة تحترم حقوق الفلسطينيين، تمنع التصعيد مع إيران، وتلبي مخاوف إسرائيل.