اندلع حريق هائل في الطابق السابع من مبنى سنترال رمسيس المركزي بوسط القاهرة يوم الإثنين، 7 يوليو 2025، مما تسبب في تعطيل واسع النطاق لخدمات الإنترنت، شبكات المحمول، والخطوط الأرضية في العاصمة وبعض المحافظات الأخرى. يُعد الحادث واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه البنية الرقمية في مصر، مما أثار تساؤلات حول جاهزية خطط الطوارئ وهشاشة الاعتماد على نقطة مركزية واحدة.
وقع الحريق في سنترال رمسيس، أحد أهم مراكز الاتصالات في مصر، والذي يضم كابلات الألياف الضوئية المحلية والدولية، بالإضافة إلى مركز بيانات رئيسي يربط الشبكات المحلية بالعالمية. بدأ الحريق ظهر يوم الإثنين واستمر لعدة ساعات بسبب صعوبة السيطرة على النيران وكثافة الأدخنة. ووفقًا لمصادر رسمية، تم احتواء الحريق بحلول مساء اليوم ذاته، مع استمرار عمليات التبريد حتى صباح الثلاثاء، 8 يوليو.
لم تُعلن الجهات الرسمية بعد عن السبب الدقيق للحريق، لكن مصادر أولية تشير إلى احتمال حدوث ماس كهربائي في غرفة الأجهزة. وقد بدأت التحقيقات لاستبعاد أي شبهات جنائية أو إهمال. أُصيب 22 شخصًا، بينهم 5 من رجال الحماية المدنية، دون تسجيل خسائر بشرية.
أدى الحريق إلى تعطيل جزئي وشامل في بعض المناطق لخدمات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية، وتشمل الآثار:
شبكات المحمول: تأثرت خدمات شركات فودافون، أورانج، اتصالات، وWE، خاصة في القاهرة والجيزة، مع صعوبات في إجراء المكالمات بين الشبكات المختلفة.
الإنترنت الأرضي: توقفت خدمات الإنترنت الثابت من شركة WE في مناطق واسعة، مع انخفاض مستوى الاتصال إلى 62% من المعدلات الطبيعية، وفقًا لمنظمة “نت بلوكس”.
الخطوط الأرضية: توقفت الخطوط الأرضية في القاهرة وبعض المحافظات المجاورة.
خدمات الطوارئ: تأثرت أرقام الطوارئ مثل 122 (النجدة) و123 (الإسعاف)، مما دفع وزارة الصحة لنشر أرقام بديلة.
الخدمات البنكية: تعطلت أنظمة الدفع الإلكتروني مثل InstaPay وماكينات الصراف الآلي (ATM) ونقاط البيع (POS) في بعض المناطق.
القطاع التجاري والخدمي: واجهت المتاجر والمولات صعوبات في معاملات الدفع الإلكتروني، بينما تأثرت خدمات الطيران والمستشفيات الخاصة بسبب انقطاع الاتصالات.
تحركت قوات الحماية المدنية بسرعة، حيث دفعت بعشر سيارات إطفاء للسيطرة على الحريق، مع فصل التيار الكهربائي والغاز لتجنب تفاقم الوضع. كما عملت الشركة المصرية للاتصالات على تحويل حركة الإنترنت إلى سنترال الروضة كمسار بديل. وأعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عن بدء تحقيق رسمي لتحديد أسباب الحادث، مع التزام بتعويض العملاء المتضررين وفقًا للوائح.
كشف الحادث عن نقاط ضعف هيكلية في البنية الرقمية المصرية:
الاعتماد على نقطة واحدة: يُعد سنترال رمسيس العمود الفقري للشبكات المصرية، مما يجعل أي خلل فيه كارثيًا.
ضعف خطط الطوارئ: تأخر تحويل حركة البيانات إلى مسارات بديلة يكشف عن نقص في أنظمة النسخ الاحتياطي (Backup/Disaster Recovery).
نقص مراكز البيانات: تعتمد مصر على عدد محدود من السنترالات المركزية، مما يزيد من مخاطر نقطة الانهيار الواحدة.
تدخل الإنترنت إلى مصر عبر 17 كابلًا بحريًا مثل SEA-ME-WE 4 وAfrica-1، ويمر جزء كبير منها عبر سنترال رمسيس لتوزيع الترافيك محليًا. ويبلغ متوسط سرعة الإنترنت الثابت في مصر قبل الحادث حوالي 40-50 ميجابت/ثانية، بينما انخفضت بشكل ملحوظ بعد الحريق.
يُعد حريق سنترال رمسيس جرس إنذار لإعادة هيكلة البنية الرقمية في مصر. تشمل التوصيات:
إنشاء مراكز بيانات بديلة في محافظات مختلفة.
تبني تصميم شبكة موزعة لتقليل الاعتماد على نقطة مركزية.
تعزيز أنظمة الحماية من الحرائق داخل السنترالات.
تطوير خطط طوارئ قوية مع اختبارات دورية.
الإعلان عن نتائج التحقيق بشفافية لاستعادة ثقة المواطنين.
من المتوقع استعادة الخدمات بالكامل خلال 24-48 ساعة من بدء الحريق، مع استمرار جهود إصلاح الكابلات المتضررة.
ويبقى السؤال: هل ستستغل مصر هذا الحادث لتطوير بنيتها الرقمية وتجنب تكرار مثل هذه الكوارث؟