8 يوليو 2025 – تقرير خاص
في ظل التحذيرات المتكررة من كارثة مناخية وشيكة، كشف تقرير دولي جديد صادر عن منظمة Oil Change International أن أربع دول صناعية كبرى هي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنرويج ستكون مسؤولة عن نحو 70% من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن مشاريع التوسع في النفط والغاز خلال الفترة من 2025 حتى 2035.
وبحسب التقرير المعنون بـ “مدمرو الكوكب”، فإن هذه الدول تستعد لإطلاق استثمارات ضخمة في الوقود الأحفوري، وسط تنامٍ في السياسات الاقتصادية التي تُغذّي التوسع في الآبار والحقول الجديدة، متجاهلة تعهداتها السابقة في اتفاق باريس للمناخ، بما في ذلك الالتزامات بتوفير تمويل عادل للتحوّل الطاقي في الدول النامية.
أرقام مقلقة: 32 مليار طن من الانبعاثات
التقرير يُقدّر أن هذه الاستثمارات ستؤدي إلى إطلاق نحو 32 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال العقد المقبل، ما يُقوّض بشدة فرص الحفاظ على معدل ارتفاع حرارة الأرض دون 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الذي حذّرت منه الهيئات العلمية بوصفه الحدّ الفاصل بين التغير القابل للاحتواء والكوارث المناخية.
تستحوذ الولايات المتحدة وحدها على 58% من هذه الانبعاثات المتوقعة، فيما تساهم كندا بنسبة 9%، ما يجعل البلدين معًا مسؤولَين عن قرابة ثلثي الانبعاثات. كما أُدرجت البرازيل – المستضيفة المقبلة لقمة المناخ – ضمن قائمة الدول العشر الأكثر توسعًا في إنتاج الوقود الأحفوري.
تناقض صارخ بين التعهدات والممارسات
في الوقت الذي تُعقد فيه مؤتمرات المناخ والقمم التحضيرية في مدن مثل “بون”، تؤكد البيانات أن هذه الدول تواصل زيادة استثماراتها في مشاريع الوقود الأحفوري، بما يعكس فجوة حادة بين الخطاب البيئي والتطبيق الفعلي.
الولايات المتحدة.. التوسع على حساب المناخ
يُشكّل النموذج الأميركي أبرز مثال على هذا التناقض، حيث يُتوقع أن تُضيف 7 مليارات طن من الانبعاثات حتى عام 2030 نتيجة سياسات توسعية بدأت تتخذ منحى أكثر جرأة في ظل ولاية ترامب الثانية. وتشمل هذه السياسات إلغاء قوانين بيئية، وتقليص الدعم الحكومي للطاقة المتجددة، وتعزيز شعارات مثل “احفر يا عزيزي احفر” التي تُشجع على إطلاق مشاريع التنقيب دون قيود بيئية.
وفي خطوة وُصفت بالكارثية من قبل نشطاء المناخ، أقرّ الكونغرس الأمريكي مؤخرًا قانون موازنة جديد يُعيد صياغة سياسة الطاقة عبر خفض الدعم لطاقة الشمس والرياح والسيارات الكهربائية، كما يشمل إلغاء تمويل مختبرات مناخية رئيسية مثل “ماونو لاو” في هاواي، الذي يراقب نسب الكربون في الغلاف الجوي.
دعوات للتحرك العاجل
يرى خبراء البيئة أن هذه التوجهات تُهدد بجعل أهداف المناخ أمرًا شبه مستحيل التحقيق، مؤكدين أن حجم التوسّع في الوقود الأحفوري سيؤدي إلى فوضى مناخية ومناطق غير صالحة للعيش ما لم يتم التراجع عنها. وتدعو المنظمات الدولية إلى خفض فوري للانبعاثات بنسبة 40%، في الوقت الذي تحافظ فيه الدول الكبرى على معدلات انبعاثاتها أو تزيدها.
خلاصة المشهد أن الكوكب يدفع ثمن جشع استثماري يتعارض مع مصلحة البشرية، والمسؤولية الأكبر تقع على عاتق من يمتلكون الإمكانات ويتجاهلون الواجبات.