أفاد استطلاع جديد أجرته منصة التوظيف الإسرائيلية- أول جوبز- بأن ما يقرب من 73% من العمال الإسرائيليين يفكرون حاليا في الانتقال إلى الخارج وذلك في ظل تصاعد المخاوف الأمنية مع اقتراب دخول الحرب على قطاع غزة عامها الثالث وتداعيات التصعيد الأخير مع إيران
وكشف الاستطلاع الذي نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت جزءا من نتائجه عن زيادة كبيرة بنسبة 18% في عدد الراغبين في الهجرة مقارنة بالعام الماضي كما أن هذه هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي يتجاوز فيها نسبة الراغبين في المغادرة 70% حتى لو بشكل مؤقت
تحول في دوافع الهجرة من المهنية إلى الوجودية
على الرغم من بقاء الدوافع التقليدية مثل تحسين جودة الحياة التي ذكرها 59% من المشاركين واكتساب الخبرة الدولية بنسبة 48% والسعي للتقدم الوظيفي بنسبة 38% ، إلا أن عوامل جديدة طفت على السطح حيث أشار 30% إلى المخاوف المتعلقة بالسلامة الشخصية بينما ذكر 24% عدم الاستقرار السياسي، كما أعربت نفس النسبة عن شعورها بـخيبة أمل تجاه الدولة
تأثير العوامل العاطفية والأمنية على القرار المهني
علقت ليات بن توراه شوشان نائبة رئيس وزراء الكيان لشؤون التطوير المهني والتوظيف في أول جوبز ، على النتائج قائلة: إن هناك تحولا جذريا في نظرة الموظفين إلى الهجرة وأضافت أن القرار لم يعد مبنيا على اعتبارات مهنية بحتة بل أصبحت العوامل العاطفية والأمنية والاقتصادية تلعب دورا محوريا في اتخاذه
انعكاسات محتملة على سوق العمل والاقتصاد الإسرائيلي
يشير الخبراء إلى أن هذه النتائج قد تنذر بموجة هجرة غير مسبوقة بين الكفاءات الإسرائيلية مما قد يؤثر سلبا على القطاعات الحيوية خاصة التكنولوجيا المتقدمة التي تعتمد بشكل كبير على العمالة عالية المهارة كما أن تصاعد المشاعر السلبية تجاه الدولة قد يزيد من حدة الاستقطاب المجتمعي في ظل استمرار الأزمات السياسية والأمنية
يذكر أن هذه النسب تعد الأعلى منذ بدء المنصة إجراء الاستطلاع قبل خمس سنوات مما يعكس عمق التأثير النفسي والاجتماعي للحروب المتتالية والوضع الأمني المتدهور على المواطنين الإسرائيليين .
“رويترز”: الأزمة قد تضرب الاقتصاد الإسرائيلي في مقتل
ذكرت وكالة “رويترز” أن تصاعد نزيف العقول الإسرائيلية إلى الخارج، خاصة في قطاع التكنولوجيا الذي يشكل عماد الاقتصاد، قد يؤدي إلى تراجع النمو وتهديد مكانة إسرائيل كـ”دولة ناشئة”. ونقلت عن خبير الاقتصاد الدولي ديفيد واينر قوله:
“إسرائيل تعتمد على الكفاءات المحلية في دفع عجلة الابتكار، وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد تفقد موقعها التنافسي أمام دول مثل سنغافورة وأيرلندا.”
“بلومبرج”: مخاوف من انهيار ثقة المستثمرين
أشارت وكالة بلومبرج إلى أن تصاعد الحديث عن هجرة العمالة عالية المهارة قد يثير قلق المستثمرين الأجانب، خاصة مع تراجع الاستقرار الأمني. ونقلت عن “المحلل المالي جوناثان فيريل” تحذيره: “الشركات العالمية تفضل البيئات المستقرة، وإذا شعرت أن الكفاءات الإسرائيلية تفرّ من البلاد، فقد تبدأ في تقليل استثماراتها أو نقل أنشطتها إلى أماكن أكثر أمانًا.”
“الجزيرة”: مؤشر على فقدان الثقة في القيادة السياسية
ذكرت *قناة الجزيرة* أن ارتفاع نسبة من يعبرون عن “خيبة أمل تجاه الدولة” يعكس أزمة ثقة متنامية في الحكومة الإسرائيلية. ونقلت عن *المحلل السياسي د. عمر أشقر* قوله: “هذه ليست مجرد هجرة بحثًا عن فرص أفضل، بل هي هروب من واقع يتسم بعدم اليقين السياسي والخوف من المستقبل، خاصة بعد التصعيد مع إيران واستمرار الحرب في غزة.”
“هآرتس”: انقسام حاد في الرأي العام الإسرائيلي
كشفت صحيفة هآرتس الصهيونية عن انقسام في ردود الفعل بين السياسيين، حيث دعا بعضهم إلى إصلاحات عاجلة لاستعادة الثقة، بينما اتهم آخرون الراغبين في الهجرة بـ”الانهزامية”. ونقلت عن *عضو الكنيست يائير لبيد* قوله:”علينا أن نتعامل مع هذه الأرقام كجرس إنذار.. لا يمكن أن نتحول إلى دولة يهرب منها أبناؤها.”
في المقابل، هاجم *وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير* المُفكرين في المغادرة ووصفهم بـ”الضعفاء الذين يتركون الوطن في أصعب لحظاته.”
“واشنطن بوست”: هل تشهد إسرائيل موجة هجرة كبرى؟
تساءلت “صحيفة واشنطن بوست” عما إذا كانت إسرائيل على وشك موجة هجرة تشبه تلك التي حدثت خلال الانتفاضة الثانية. ونقلت عن “الخبيرة الديموغرافية كارين شيرمان” قولها: “إذا تحولت النوايا إلى أفعال، فقد نواجه أسوأ موجة هجرة منذ عقود، مع تداعيات ديموغرافية واقتصادية خطيرة.”
هل أصبح الكيان طارد لأهله؟
تشير التحليلات إلى أن الأزمة ليست اقتصادية فحسب، بل وجودية، حيث لم تعد مواجهة المقومة في غزة والمواجهات مع إيران مجرد تهديدات أمنية عابرة، بل تحولت إلى عوامل تدفع الإسرائيليين إلى التساؤل عن مستقبلهم في البلاد. مع استمرار الوضع الراهن، قد تتحول إسرائيل من دولة جاذبة للمهاجرين اليهود إلى دولة يهرب منها مواطنوها.