مؤشرات كثيرة تنبئ بقرب سقوط نظام السيسي، وهي مؤشرات لم تكشفها أزمته العنيفة الحالية مع السعودية فقط، وإنما تبدأ من السنة الأولى لحكمه للدولة المصرية قبل 11 سنة كاملة!
ذلك بعدما بدأ السيسي يمارس مهارته في الانقلاب، تلك المهارة جربها في الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، ونفعت، فراح ينفذها مع كل الذين ساندوه ووقفوا بجواره، لتحقيق هدفه في الجلوس على كرسي الحكم، وحتى لا يكون في الصورة، أي شخص كان الله فضل عليه في وصوله إلى هذا الهدف!
فقد تخلى السيسي عن كل من كان معه، الواحد تلو الأخر، بداية من جبهة الإنقاذ التي كانت صاحبة الفضل الأول في خروج الملايين من المصريين في 30 يونيو2013، للمطالبة برحيل مرسي، مرورا بقادة الجيش والشرطة، حيث أطاح بكل من نفذ بهم خطة الانقلاب، حتى صهره الفريق محمود حجازي لم يسلم من الإقصاء، فضلا عن الفريق محمد زكي رئيس الحرس الجمهوري في عهد مرسي، والذي لولاه ما كان هناك انقلاب من الأصل، والفريق صدقي صبحي وزير الدفاع، حتى اللواء عباس كامل العقل المدبر للانقلاب، وصاحب الفضل، في تثبيت أركان حكمه في السنوات الأولى، تمت الإطاحة به، نهاية بالحلفاء الإقليميين والدوليين، الذين أراد السيسي أن يتلاعب بهم جميعا.
السيسي خسر الجميع
وإذا كان كل ما سبق، كاف جدا ليبدأ المصريون في إحصاء الأيام المتبقية للسيسي في الحكم، إلا أن الأهم منه، هو أن السيسي لم يعد له أي ظهير شعبي يحميه من محاولة الإطاحة به، أو دعمه في حال موافقته على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. فقد قطع السيسي كل حبال الود مع أبناء الشعب المصري، بفضل سياساته الاقتصادية القاتلة، التي اعتمد فيها دائما على جيب المواطن، لتوفير موازنة الدولة، فكانت النتيجة رفع مستمر للأسعار، وزيادة متتالية في أسعار الوقود والكهرباء، ورفع متوالي للدعم، وهي إجراءات أضرت بمؤيديه مثل ما أضرت بمعارضيه، حتى صارت الغالبية العظمى من أبناء الشعب تحت خط الفقر.
الشعب لن يصدقه مرة ثانية
ولذلك فإن المشكلة التي ستواجه السيسي إذا ما حاول أن يفتح صفحة جديدة مع الشعب لامتصاص الغضب، وعبور الأزمة، هي أنه لن يستطيع التراجع عن تلك الإجراءات، في حين أن الشعب لن يقبل بالتصالح معه إلا إذا تراجع عنها وأعاد الأسعار إلى سابق عهدها، قبل وصوله للحكم، وهو أمر مستحيل نظريا وعمليا، خصوصا بعد أن توقف الدعم الخليجي، وأصبحت مصر اليوم تصرف من لحم الحي!
أضف إلى ذلك أن الشعب لن يصدقه في أية وعود يقدمها له، مهما قدم له من وعود، ومهما تعهد بالتنفيذ، فالشعب جربه في العديد من الوعود البراقة، ثم تبين له، أنها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
تبقى مشكلة ثالثة، تجعل من استمرار السيسي في الحكم شبه مستحيل، هي اختزاله حكم الدولة المصرية بحجمها الضخم وتعداد سكانها الهائل في شخصه هو وأبنائه الثلاثة حسن ومحمود مصطفى فقط، فهم وحدهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة في الدولة المصرية، ويتساوى في القيمة والمكانة والقرار كل من دونهم، بداية من رئيس الوزراء ووزير الدفاع، مرورا برئيسي مجلسي الشعب والشورى، وصولا إلى رئيس اتحاد الكرة!
باختصار، السيسي هو من ضيّق الخناق على نفسه!