عليٌّ بن أبي طالب سمح للباطنيين قتلة عثمان بن عفان أن يلبسوا قميصه ويسيطروا على المدينة، ويقودوا الحروب باسمه ضد المسلمين والذين مازالوا في حزن على خليفتهم عثمان، وبالفعل قتلوا الكثير في موقعتي الجمل وصفين.
علي مسؤول عن قتل طلحة والزبير في الجمل، وهما من الستة الشورى ومن كبار الصحابة الذين شاركوا في حروب الردة وفي فتح البلاد على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، وسيدنا على لم يشارك في كل هذه الحروب.
علي قاد جيشا وحارب أم المؤمنين عائشة في موقعة الجمل، وقد خرجت لإعادة الخلافة للمسلمين والقصاص لقتلة عثمان، فلاحقها بجيش قتل الكثير وسبى أمنا عائشة.
علي رفضه معظم الصحابة ومعظم المسلمين في الأمصار وخصوصا في الشام، لذلك لم يستطع إقامة خلافته في المدينة، فذهب إلى الكوفة موطن الباطنيين وأقام فيها دولة موازية بدعم الباطنيين وقاتل المسلمين من خلالها.
ولما بدأ الباطنيين في المغالاة فيه ليحرفوا الإسلام بدأ سيدنا علي في الانتباه لأهدافهم، حتى وصل عبد الله بن سبأ إلى محاولة إقناع عليّ أنه إله، بدأ علي في مواجهتهم حتى يقال أنه حرق بعضهم. قتلوه بعد سنتين قتلهم الله وقالوا لقد خلصنا اللاهوت من الناسوت، لتنتقل الألوهية أو القدسية أو العصمة إلى الإمام التالي.
من بعده نصب الباطنيون الحسنَ الخلافة، وزعموا أن العصمة قد انتقلت له، لكنه رضي الله عنه علم ألاعيبهم من أبيه واقتنع أنه ليس خليفة لصالح المسلمين، وأسرها في نفسه حتى تمكن من الذهاب لمعاوية وبيعته، وطبعا فرح المسلمون لدرجة أن سموا هذا العام بعام الجماعة.
بعد معاوية رضي الله عنه تولى ابنه يزيد الخلافة الذي واصل الفتوحات، وكلما تقدمت الفتوحات كان الباطنيون يزدادون غيظا ويريدون فعل شيء لوقف هذه الفتوحات. أرسلوا خطابات كثيرة للحسين يرغبوه في القدوم لينصروه خليفة بجيش يقتل يزيد ويصير هو الخليفة. حذر الصحابة الحسين من الذهاب خوفا عليه من المؤامرة التي مر بها أبيه. لكنه للأسف ركب رأسه وذهب ومعه أهله ولم يذهب أحد من الصحابة معه. علم زيد بهذا المسير وهذا الهدف، فأرسل جيشا لمواجهة هذه المؤامرة الباطنية ضد الدولة وتواجهوا في كربلاء، كاد جيش الشام أن يهزم الباطنيين، فقام عبيد الله بن زياد وبعض المرتزقة من الفريق الباطني بقتل الحسين. ومرة أخرى يخرج اللاهوت من الناسوت لينتقل إلى الإمام التالي.
كل هذه الأحداث تدلك على أخطاء عليّ والحسين، وأنهم بشر أخطأوا وبالطبع يصيبون، فلا قداسة لأحد ولا عصمة لأحد بعد رسول الله لأن الوحي قد انقطع، فالوحي هو سبب عصمة رسول الله، إن أخطأ يصححه الوحي. أما سبب عصمة الأئمة عند الشيعة الباطنية فهي حلول أو تجلي الله بهم، وهذه هي عقيدة كل المشركين الباطنيين في جميع أنحاء العالم، سواء المجوسية في إيران أو الهندوسية في الهند أو البوذية في الصين.
ومع ذلك فما زلنا نحب عليا والحسين وكل الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، أفضل ما حوت الأرض بعد الأنبياء، وورد في فضائلهم الكثير ويكفينا قول الله فيهم (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، اللهم احشرنا معهم في من اتبعوهم في جنات تجري تحتها الأنهار.
في النهاية حاولت التبسيط إلا أن أحداث التاريخ متشابكة وعويصة ورواياتها كثيرة ومتضاربة، وإنما هذا ما رأيته متناسقا مع المسار العام للتاريخ الممتزج بالعقيدة.