إنّ الأمم التي تُولَد منَ المِحن العظيمة تُولَد عملاقة؛ أمّا الضّجر والتّأفُّف فهو حالة مراهقة!
أكثر النُّبهاء والنُّبلاء من أصحاب التّأثير في الجمهور من الإسلاميّين استولت عليهم حالةٌ منَ الضجر والتّأفُّف، وكثير منهم انزلق لبعض الأخطاء لجهله بشروط وضرورات إصابة أيّ وليدٍ بالآفات التي تُلازم كل وليد حال انتقال من بيئته إلى بيئة جديدة غير البيئة التي وُلِد وتكوَّن فيها.
وعلى الرّغم مِن أنّ كافّة العُقلاء يعلم هذا بحكم العوائد التي هي في حُكم المعلوم بالضّرورة من دورة حياة (من أنّ أيّ مخلوق جديد سواء كان المخلوق حيوانًا عاقلًا أو أعجميًّا تلازمه الآفات؛ وكذا الكيانات).
وبالعودة للملاحظات التي شاهدتها، وجدتُ تلك الحالة منَ الضّجر والتّأفُّف من الضُّغوط التي تُمارَس على الشّوام رغم أنّ الوليد الجديد لم يَعمُر أكثر من شهر. وتلك الحالة مخالِفةٌ للصّواب، لأنّ تلك الضّغوط شرط من شروط صحة الوليد، وشرط من شروط سلامته ونمائه بطريقة تُمكِّنه من الاستمرار.
فإذا كان الوليد فاقدًا لأيٍّ من شروط الحياة الطبيعيّة يموت مبكّرًا من جرّاء تلك الآفات كأيّ مولود؛ فالآفات ليست كلها شرًّا فبعضها محفّز للمناعة، وتلك المناعة التي يكتسبها الجسد شرط النّماء والبقاء ومجابهة الشرور التي لا يمكن تفاديها إلا بالمجابهة، لأنها من شروط البقاء في هذه الدنيا.
والخلاصة لا تدفعنّكم مشاهدة الضّغوط التي هي ضرورية لسلامة وصحة وصواب التّوجّه إلى الانزلاق إلى الأخطاء التي هي تدليس وتزييف للحقيقة التي تصوّر حالة التّغيير بالسُّهولة والسّلاسة بدون تكلفة، وتغييب شروط صحّة الأفعال قبل الشُّروع فيها، وهو التّأهيل والخبرة والمهنيّة، والاختبارات المتتالية المؤكّدة للّياقة بأيّ فعل كان كبيرًا أو صغيرًا.
وللأسف، هذه الشّروط غابت من ثقافتنا دهرًا، واستولت الفهلوة والنّصب وانتحال الصِّفات والخبرات بحكم الزِّحام، وفقدنا المعايير والقيم والثّوابت التي تسبق كلّ فعل وتقييم ونقد.
دُمتم بخير؛ وأسأل الله لهم ولكم التّوفيق والرّشاد!