ليس مستغربا بالكلية القصف الإسرائيلي لدمشق اليوم، بل هو المتوقع لمن يعي السياسة ويستوعب حقيقة المشاريع القائمة وتشابكاتها الإقليمية والدولية.
محارق غزة نافذة لتركيع عموم الشام!
منذ عامين خلت وأنا أكتب وأشير بوضوح إلى أن محارق غزة والطوفان نافذة أمريكا لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة، لاسيما أن حقبة فرعون الشام بشار الأسد لم تحقق المطلوب بشكله المستهدف غربيا، رغم كل أشكال التوحش الأسدي والإيراني والروسي التي كانت تديرها بشكل مباشر وغير مباشر أمريكا، فقد استدعى صمود الثوار حلول الأصيل في محل الوكيل.
الدروز ماض معلوم ومستقبل ملغوم!
عكس الصورة السائدة تكمن الحقيقة، فإسرائيل لا تحرك جيشها وجندها وترسم سياساتها لأي طائفة، لاسيما وأنها تعتبر الدروز جوييم (بهائم وخدم اليهود).
الخائن حكمت الهجري.
إن نداءات الخائن -لوطنه وشعبه ومستقبل طائفته- المسمى حكمت الهجري النجدة الإسرائيلية لم تحرك اليهود وجيشهم الثقيل فهو أقل من حشرة في نظر الإسرائيليين، فما هي حقيقة الضربات العسكرية الجوية الإسرائيلية، وما هي خلفية الحراك الدرزي الأخير؟
الكاهن الأمريكي وهندسة سورية الثانية!
إن حجم الاضطراب في الحالة الدرزية وحراكها المشبوه مدا وجزرا واضح ولافت، لاسيما أن الاضطراب وصل للدرجة التي تجعل الخائن حكمت الهجري ينتقل في وقت قصير بين الموقف المحرض على الحكومة السورية والداعي للتخريب، إلى الإشادة بالدولة والطمع في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع! فما هي دلالة ذلك الاضطراب؟
إن الوقائع الموضوعية تشير بوضوح إلى أن الحالة الدرزية مستخدمة أمريكيا بشكل مبتذل ورخيص، ورغم كل ما منحته الحكومة السورية الجديدة من مميزات للسويداء وللطائفة الدرزية، ورغم كل التنظيرات والتصريحات والإجماع بين النخب السورية السياسية والحركية والأدبية والمجتمعية التي أشادت بالدروز وأكدت على حقوقهم واندماجهم الكامل، إلا أن كل ذلك لم يقو على إضعاف الهيمنة الخارجية الأمريكية على رموز الطائفة ذوي الصلاحيات النافذة، والذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو أعز وأكرم.
وبكلمة يمكن القول إن الحالة الدرزية من خلال قياداتها النافذة كالخائن حكمت الهجري أصبحت مطية لأمريكا وإسرائيل بامتياز، أو كما نقول في فلسطين (دفاش خرا) ليس إلا.
وأما عن الإدارة الأمريكية فهي الكاهن الدولي الذي يستخدم الشخصيات والأطر والكيانات الرخيصة كوسائل تعينه على التخريب والتدمير اللازم لإعادة هندسة وترتيب دول المنطقة وفق رؤيته لشكل البناء المناسب! لاسيما وسورية تحتل المركز الفاعل في قلب الشام والوطن العربي، وهي -سورية- الأشد تأثيرا وحساسية في تقرير ورسم مستقل ووحدة ونهضة تركيا.
لا تغرق في الحالة الدرزية واعقل الأهداف الأمريكية!
إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما أن التصرف السديد مرتبط بالتصور الصحيح المستوعب الواسع والدقيق.
وفي نظرة سريعة لكل أشكال الاحتراب السوري الداخلي يمكن الوصول ببساطة لحقيقة أوضح من عين الشمس، مفادها أن كل ما يجري في سورية من تخريب مستخدما الأدوات والمكونات غير المنتمية والحقيرة، هو فعل غير ذاتي بل هو إدارة خارجية يشرف عليها المدير الأمريكي للمشروع الصليبي.
فكيف يمكن مواجهة الكاهن الأمريكي وكيف نتمكن من تجاوز ضغوط الغول الدولي المعادي؟
إن حالة حصر وتركيز المشروع الإسلامي في سورية في إطار الدولة دون المجتمع سبب كاف لإفشاله وقتله وتفكيكه ودفنه لقرن قادم.
فهل تعي الحكومة السورية المؤقتة خطورة اختزال القرار في مجموعة أفراد تؤمن باللون الواحد، وتعتبر الاستبداد الحالي منجاة لسورية؟
تشكيل الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين.
قصير القامة مختل التفكير وضعيف النظر من يعتقد أن سورية قلب الأمة يمكن أن تنجو من خلال اللون الواحد في سورية، أو حتى العنصر السوري الواسع بمعزل عن الامتداد العربي والإسلامي، ومما يزيد في تأكيد هذا الاهتراء في التفكير هو عدم الاعتبار من كوارث مسار القضية الفلسطينية وشكل إدارة ملفاتها السياسية والعسكرية، والتي انتهت إلى مهلكة أوسلو ومحارق غزة، كنتيجة طبيعية لعقيدة اللون الواحد والفاسد!
إن الناظر للجغرافيا السياسية في أرض الشام المباركة لا يكاد يجد فيها مساحة ولا ميدانا إلا وقد لوثته وتشابكت وتداخلت معه القوى والمشاريع الدولية (أمريكا- روسيا- إيران- إسرائيل- النظام العربي الرسمي)، وأمام تلك الحقيقة كيف يتقزم البعض ويعتقد بأنه يمكن أن ينجو بنفسه وينقذ التجربة إذا لم يستعن بإخوانه في الداخل والخارج، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والحركية ما داموا ينتسبون لنفس المرجعية العربية والإسلامية؟
إن دعوتي المكررة لإنشاء وإطلاق الجبهة الشامية العربية والإسلامية لمناهضة التطبيع مع المحتلين هي البداية والآلية لإنقاذ سورية خلف دولتها الحرة.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 16/7/2025