تتصاعد التوترات في منطقة المحيط الهادئ (الباسيفيك) بين الولايات المتحدة والصين، مدفوعة بالتنافس الجيوسياسي والاقتصادي، لا سيما في بحر الصين الجنوبي وتايوان. تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية، ولقاؤه مع رئيس الفلبين فرديناند ماركوس جونيور، إلى جانب المناورات العسكرية المشتركة بين واشنطن ومانيلا، تثير تساؤلات حول احتمالية اندلاع صراع عسكري.
خلال ولايته الثانية التي بدأت في 2025، عاد ترامب إلى سياساته الحمائية، مع تركيز على مواجهة النفوذ الصيني. فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية (145% في بداية 2025) أدى إلى تصعيد الحرب التجارية، لكن هدنة مؤقتة لمدة 90 يومًا تم الإعلان عنها في مايو 2025 خففت التوترات مؤقتًا.. ومع ذلك، تصريحات ترامب العدائية تجاه الصين، بما في ذلك اتهامات بسرقة الملكية الفكرية وتلاعب بالعملة، تُبقي التوترات على أشدها.
العلاقات مع الفلبين
لقاء ترامب مع رئيس الفلبين يعكس تعزيز التحالف العسكري بين البلدين. اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز (2014) سمحت للولايات المتحدة باستخدام تسع قواعد عسكرية فلبينية، بعضها قريب من المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. المناورات العسكرية المشتركة في أبريل-مايو 2024 أثارت غضب الصين، التي اتهمت واشنطن بـ”تأجيج المواجهات”.. الفلبين تُعدّ رأس حربة استراتيجية للولايات المتحدة، خاصة في مواجهة أزمة تايوان المحتملة، نظرًا لقربها الجغرافي.
التوترات في بحر الصين الجنوبي
بحر الصين الجنوبي يُعدّ نقطة اشتعال رئيسية بسبب التنازع على السيادة بين الصين ودول مثل الفلبين وفيتنام وماليزيا. الصين تدّعي السيطرة على 90% من هذا البحر الاستراتيجي، الذي يمر عبره ثلث التجارة العالمية.. الولايات المتحدة تستخدم الفلبين كقاعدة لمراقبة التحركات الصينية، مع مناورات بحرية مكثفة، مثل تلك التي أجرتها حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” في بحر الفلبين، حيث رصدت سفن صينية تجمع معلومات استخباراتية.
الموقع الجغرافي: بحر الصين الجنوبي يحيط به جزر الفلبين (شرقًا)، فيتنام (غربًا)، وماليزيا (جنوبًا). تايوان تقع شمال شرق المنطقة، مما يجعلها مركزًا للتوترات.
القواعد العسكرية: القواعد الفلبينية الشمالية، مثل قاعدة أنطونيو باوتيستا الجوية، توفر للولايات المتحدة مواقع انتشار سريعة لدعم تايوان في حالة الصراع.
خطوط الإمداد: بحر الفلبين، شرق تايوان، يُعدّ ممرًا حيويًا للإمدادات الأمريكية من قواعد جوام وهاواي. الصين تسعى للسيطرة عليه لفرض حصار محتمل على تايوان.
القوة العسكرية الأمريكية
البحرية: تمتلك الولايات المتحدة 11 حاملة طائرات، بما في ذلك “يو إس إس كارل فينسون”، مع أسطول من الغواصات والمدمرات.
القوات البرية: خطة “بنية القوة 2030” تهدف إلى تحديث قوات المشاة البحرية، مع التركيز على الصواريخ بعيدة المدى بدلاً من الدبابات والمدفعية التقليدية، لمواجهة الصين.
الدعم الجوي: طائرات F-35 وF-22 توفر تفوقًا جويًا، لكن نقص أسراب الهليكوبتر قد يحد من الانتشار السريع.
القوة العسكرية الصينية
البحرية: الصين تمتلك أكبر أسطول بحري في العالم من حيث عدد السفن (أكثر من 350 سفينة)، بما في ذلك حاملتا طائرات. صواريخها المضادة للسفن، مثل DF-21D، تشكل تهديدًا كبيرًا للسفن الأمريكية.
استراتيجية A2/AD: الصين طورت استراتيجية “المنع من الدخول والحرمان من الوصول” لمنع القوات الأمريكية من الاقتراب من تايوان، باستخدام صواريخ باليستية وأنظمة دفاع جوي متقدمة.
التعبئة: الصين تستعد لغزو تايوان بحلول 2027، بحسب تقديرات وكالة المخابرات المركزية، مع تدريبات عسكرية مكثفة.
مقارنة مباشرة
التفوق التكنولوجي: الولايات المتحدة تتفوق في التكنولوجيا الجوية وأنظمة القيادة والسيطرة، لكن الصين تمتلك ميزة عددية في السفن والصواريخ.
الجغرافيا: قرب الصين من مسرح العمليات يمنحها ميزة لوجستية، بينما تعاني الولايات المتحدة من تحديات المسافات الطويلة.
الحلفاء: الولايات المتحدة تعتمد على الفلبين واليابان وأستراليا (تحالف “كواد”)، بينما الصين تعتمد على قوتها الذاتية مع دعم محدود من روسيا وكوريا الشمالية.
2025-2026: استمرار المناورات العسكرية الأمريكية-الفلبينية قد يؤدي إلى مواجهات بحرية محدودة مع الصين في بحر الصين الجنوبي. تصريحات ترامب المتشددة قد تدفع الصين لتسريع خططها لغزو تايوان.
2027: إذا نفذت الصين غزوًا لتايوان، كما توقع مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، فإن الولايات المتحدة قد تدخل الصراع، مما يؤدي إلى حرب مكلفة تشمل حاملات طائرات وغواصات. محاكاة حرب أجرتها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تشير إلى خسائر كبيرة، بما في ذلك غرق حاملتي طائرات أمريكيتين وأكثر من 100 سفينة صينية.
التفاوض: هدنة الحرب التجارية قد تمهد لمفاوضات أوسع، خاصة إذا نجحت قمة بين ترامب وشي جين بينغ في تخفيف التوترات.
التحالفات: الفلبين قد تلعب دور وسيط بين واشنطن وبكين، نظرًا لموقفها الحساس بين الحليف الأمريكي والجار الصيني.
التوترات في منطقة الباسيفيك مرشحة للتصعيد بسبب التنافس الأمريكي-الصيني، لا سيما في بحر الصين الجنوبي وتايوان. لقاء ترامب مع رئيس الفلبين يعزز التحالف العسكري، لكنه يزيد من مخاطر المواجهة مع الصين. المقارنات العسكرية تظهر توازنًا دقيقًا، مع تفوق أمريكي تكنولوجي وميزة صينية عددية وجغرافية. التصور المستقبلي يشير إلى احتمالية صراع محدود بحلول 2025، مع مخاطر تصعيد إلى حرب شاملة بحلول 2027 إذا لم تُدار الأزمة بحكمة. الحلول الدبلوماسية والتفاوض تبقى الخيار الأمثل لتجنب “حرب الباسيفيك” الجديدة.