يُعد التحدي الثقافي واحدًا من أبرز التحديات التي تواجه سوريا في ظل التحولات السياسية والاجتماعية، حيث تتداخل عوامل متعددة تمسّ هوية الإنسان السوري، فكره، وانتماءه الحضاري. لقد مرّت البلاد منذ عقود بمرحلةٍ حرجة، دفعته للتصارع مع ماضيه وحاضره، في محاولة لاستعادة روحها الحضارية، وصياغة مستقبلٍ يعكس أصالتها وعمق تراثها الثقافي.
يتجلى هذا التحدي في عوامل عدة، يمكن تصنيفها على النحو التالي:
-الهوية الوطنية والذاكرة الحضارية
تاريخ سوريا يمتد لآلاف السنين، وهو غني بالتراث الحضاري، من المدن القديمة كدمشق و تدمر، إلى التنوع الثقافي والديني الذي شكل نسيج المجتمع السوري. إلا أن الصراعات المسلحة والنكبات فى عهد بشار الاسد وابنه أدت إلى تآكل جزء كبير من هذا التراث، ما يفرض ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية والتاريخ الحضاري كحجر أساس للمستقبل.
-التحدي الفكري والثقافي
سوريا تعيش الآن تحديًا فكريًا عميقًا، يتمثل في إعادة صياغة فكر حضاري قادر على التفاعل مع المتغيرات العالمية، مع الحفاظ على القيم والتقاليد التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتها. يتطلب الأمر نهضة ثقافية تنهض بالفكر والمبدعين، وتوفر منصة للأفكار الجديدة التي تتماشى مع روح الشعب السوري وتطلعاته.
-الانتماء الحضاري والأمل بالمستقبل
تاريخ سوريا كجزء من الحضارة العربية والإسلامية، يُشكل ركيزة أساسية في تعزيز وعي الانتماء الحضاري. إعادة إحياء هذا الانتماء، من خلال برامج ومشروعات تعزز معتقدات الهوية الجمعية، يلعب دورًا رئيسا في ترسيخ الأمل وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وتماسكًا.
مشروع إعادة الروح الحضارية
وفي هذا السياق، يُعد مشروع التعاون مع وزير الثقافة، الشاعر محمد ياسين صالح، خطوة استراتيجية لخلق مشروع ثقافي شامل، يستهدف إعادة سوريا إلى مكانتها الحضارية والأدبية والتاريخية. يهدف هذا المشروع إلى رسم ملامح درامية مبدعة تعبر عن روح البلاد، وتعيد تشكيل ملامح الثقافة السورية الأصيلة، بما يُعزز الهوية ويحفز الإبداع ويؤسس لواقع ثقافي متجدد.
الرسالة القادمة
سيُتوَّج هذا التوجه برسالة خاصة، تتجسد فيها أهداف المشروع، وتبرز أهمية التعاون الثقافي في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وإعادة الانتماء الحضاري للأجيال القادمة. من خلال هذا المشروع، يُعول على أن يكون للأدب والفن والعلوم دور أساسي في استنهاض الذاكرة الجمعية، وإعادة رسم خارطة ثقافية تتناسب مع تحديات العصر.
التحدي الثقافي في سوريا ليس مجرد معركة رمزية، بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الوطن، يعزز وحدته، ويعيد إحياء روح حضارية أصيلة، تُمكن السوريين من الانطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مدفوعين بقيم تراثهم وإرادتهم الصلبة للمضي قدمًا.
سوريا.. أرض الحضارات التي انصهرت في بوتقة الإسلام
عبر آلاف السنين.. شكّلت سوريا لوحة فسيفسائية للحضارات الإنسانية.. من الآراميين الذين أرسوا أسس المدنية الأولى.. إلى الرومان الذين شيّدوا معابد تدمر.. مروراً بالبيزنطيين الذين تركوا بصمتهم في فنون العمارة.. حتى جاء الفتح الإسلامي ليُعيد صياغة هذا التراث العظيم ضمن رؤية حضارية جديدة ورائدة ومجددة ونابهة.
الجامع الاموى
دمشق.. أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.. حيث الجامع الأموي الذي جمع بين روعة الفن البيزنطي وعظمة الهندسة الإسلامية.. ومناراته التي شهدت ميلاد أول نظام تعليمي متكامل في العالم الإسلامي عبر حلقات العلم في صحن المسجد..
حلب.. مدينة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.. والتي احتضنت أقدم سوق تجاري مسقوف في العالم.. وقلعتها التي تُعتبر متحفاً حياً لتطور العمارة العسكرية عبر العصور..
بصرى الشام.. حيث المسرح الروماني الذي تحوّل إلى مدرسة للحديث النبوي.. وشهد أول تحول للعمارة الوثنية إلى فضاء إسلامي راق واصبح نموذجا عالميا فريدا فى فن العمارة الاسلامية.