انفجر المشهد السياسي البريطاني كبرميل بارود بإعلان “جيريمي كوربن”، الزعيم اليساري المثقل بجراح الهزائم والمُطارد باتهامات الزيف، عن ميلاد حزب جديد يُنادي باسم المهمَّشين: “حزبكم” (يور بارتي)!
وبالتحامه مع النائبة الجريحة *زارا سلطانة، يهتف كوربن بأن الزمن العجوز قد انقضى، وحان وقت حزب ينبثق من أعماق الشوارع، يتشبَّث بجذور النقابات، ويُشعل شرارة التغيير من رحم الحركات الاجتماعية. لا يطلبون السلطة، بل يقتلعونها من أحضان النخبة، ويُعيدون توزيعها كغذاء للجياع!
وفي مواجهة آلة الحرب التي تطحن أطفال فلسطين، يصرخ الاثنان: “كفى”، مُعلنين حربهم على صفقات السلاح الدموية لإسرائيل، وتأييدهم الأكيد لفلسطين “حرةً كالنسر، مستقلةً كالجبل. تحدٍّ صارخ يُلقى في وجه حكومة “ستارمر*، التي تتلكأ تحت وطأة الضغوط!
ولكن.. مَن هو كوربن إلا ذلك *الطريد السياسى؟!
رجلٌ سقط مرتين في معركة الانتخابات (2017-2019)، ثم انقلب عليه حزبه كالأفعى، وعلَّقوا عضويته بعد اتهامات “معاداة السامية”*— التي يحطمها كوربن بقوة: “أكذوبة سياسية!”. لكن الدماء لا تجف في عروقه، فها هو بعمر الـ 76 عامًا، كطائر الفينيق، ينهض من رماد الإقصاء، ويفوز بمقعده التاريخي في إزلينغتون الشمالية، بعد 40 عامًا من الكفاح، واليوم، يُمسك كوربن بمطرقة التحدي، ويطرق باب التاريخ من جديد.. فهل يُجيب الصدى؟!
أهداف الحزب الجديد
محاربة الفقر وعدم المساواة، تأميم المرافق العامة (مثل المياه، الكهرباء، المواصلات)، دعم القضية الفلسطينية ورفض دعم إسرائيل، وتمثيل صوت الشباب والطبقات العاملة.
الجماهير والدعم:
– وفقًا لاستطلاع رأي، يحظى الحزب الجديد بدعم نحو 15% من البريطانيين، وهو رقم قوي خاصة بالنظر إلى طبيعته الجديدة.
– هناك دعم كبير بين الشباب، حيث يبلغ نحو 33%، وهو مؤشر على أن الحزب يلقى صدى بين شرائح واسعة من المجتمع.
السياق والأهمية:
هذا الحزب يمثل تحولًا سياسيًا مهمًا ويعكس اتجاهًا نحو اليسار والعدالة الاجتماعية، مع تركيز قوي على قضايا العدالة الاقتصادية والسياسية الخارجية. يبدو أن هناك رسالة قوية لحزب العمال التقليدي، وربما يطلق عليه معارضة جديدة أكثر جرأة وواقعية لسياسات الحكومة الحالية.
من هو جيريمي كوربين؟
– جيريمي كوربين، هو سياسي بريطاني وعضو برلماني عن حزب العمال، وُلد في 1949.
– يُعرف بأنه من اليسار المتشدد، وسبق أن كان زعيم حزب العمال بين 2015 و2019.
– يركز في خطابه على العدالة الاجتماعية، ومكافحة الفقر، وتقليل التفاوت الاقتصادي، والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ومعارضة السياسات الليبرالية التي تتبناها الحكومات السابقة.
مسيرته السياسية:
– بدأ حياته السياسية في ستينيات القرن الماضي، ويُعرف بتأييده للقضايا العمالية والبيئة.
– خلال قيادته لحزب العمال، حاول إعادة الحزب إلى الجذور اليسارية، وهو ما جعل العديد من الأعضاء التقليديين يرحبون به، ولكن أيضًا تسبب في انقسامات داخل الحزب.
– بعد خسارته للانتخابات عام 2019، استقال من قيادة الحزب، لكنه ظل شخصية مؤثرة وسياسية بارزة.
– بعد تركه رئاسة حزب العمال، ما زال كوربين أحد رموز اليسار البريطاني، وله قاعدة جماهيرية واسعة.
– يُنظر إليه كنموذج للمثابرة والتأثير في السياسية البريطانية، رغم الانتقادات التي تعرض لها من قِبل خصومه.
– يُشجع بجهوده على السياسات الاشتراكية والتغيير الجذري، وهو ما يلعب دورًا كبيرًا في جذب الشباب والطبقات المحرومة نحو حزبه الجديد.
تأثيرات الحزب الجديد بقيادته:
– التشكيل السريع والنجاح في التسجيل: جذب أكثر من 200 ألف شخص في أقل من يوم، يعكس ضغط كبير واهتمام قوي من المجتمع البريطاني، خاصة بين الشباب.
– الأهداف والخطوط العريضة: تشير إلى نية الحزب أن يكون صوتًا للطبقات العاملة، مع تركيز على العدالة الاجتماعية، ودعم فلسطين، والتصدي للفقر وعدم المساواة.
– الدعم والتأييد: استطلاع رأي يشير إلى دعم حوالي 15% من البريطانيين، مع دعم كبير بين الشباب (33%). هذا يوضح وجود تأييد واسع، خاصة في الفئات الشبابية التي تبحث عن تغيير سياسي جذري.
ماذا قد يعني هذا؟
– قد يغير تكوين حزب جديد بقيادة كوربين من المشهد السياسي البريطاني، خاصة في ظل تراجع بعض القوى التقليدية، كما يعكس رغبة في تقديم بديل يساري قوي، ينافس حزب العمال التقليدي، ويركز على القضايا الاجتماعية والعدالة.
– قد يثير تفاعلات وتحديات بين الأحزاب السياسية القائمة، ويؤدي إلى استقطابات أكبر.
ردود الفعل السياسية:
– حزب العمال: من المتوقع أن يواجه الحزب تحديات داخلية، خاصة من قياداته التقليدية التي قد ترى في الحزب الجديد منافسًا أو تهديدًا. بعض أعضاء الحزب قد يشعرون بالقلق من أن توجه الحزب الجديد قد يضعف الوحدة ويؤدي إلى تقسيم الأصوات.
– التيارات اليسارية: رحب العديد من اليساريين وناشطي العدالة الاجتماعية بتشكيل الحزب، حيث يرون أن هذا يمثل فرصة لإعادة صياغة السياسة البريطانية بطريقة أكثر عدلاً ومساواة.
– اليمين المحافظ: ربما يواجه الحزب الجديد انتقادات من التيارات اليمينية، التي قد تعتبره تهديدًا لاستقرار النموذج الليبرالي الاقتصادي والسياسي، خاصة مع دعم القضايا الفلسطينية والتأميم.
– المجتمع الدولي: من الممكن أن يحظى الحزب بدعم من الناشطين والمهتمين بقضايا العدالة الدولية، خاصة أن أهدافه تتوافق مع الأجندات اليسارية الدولية.
مستقبل الحزب وتأثيره:
– الانتخابات: إذا استمر الدعم في الارتفاع، قد يحقق الحزب نوابًا في الانتخابات المستقبلية، وربما يغير خريطة السلطة في بريطانيا.
– التحالفات والتحركات: قد يسعى الحزب إلى حشد قوى يسارية أخرى، وتوحيد الجهود لإحداث تأثير أكبر على السياسات الوطنية، وربما التوجه نحو تشكيل ائتلافات مع مجموعات أخرى تشترك في الأهداف.
– التحديات: من أبرز التحديات التي قد يواجهها أن يظل قادرًا على الحفاظ على دعم القاعدة الشعبية، وأن يتجنب الانقسامات الداخلية التي قد تضعف قدرته على التنافس بفعالية.
ردود الفعل السياسية:
1- الأحزاب الرئيسية:
– حزب العمال البريطاني: رغم أن الحزب الحالي يحاول التكيف مع الأوضاع الجديدة، إلا أن إنشاء حزب جديد بقيادة كوربين يطرح تساؤلات حول: هل سيكون هناك انقسام حقيقي في الأصوات اليسارية؟ أم أنه سيساهم في استقطاب أكثر، مما قد يضعف قوة حزب العمال في الانتخابات القادمة.
– الأحزاب اليمينية والتشدد: من المتوقع أن تنتقد الأحزاب اليمينية هذا التحرك، معتبرة إياه تهديدًا للاستقرار الاقتصادي والسياسي، وترى أن التركيز على السياسات المعادية لإسرائيل وقضايا العدالة الاجتماعية قد يثير جدلاً كبيرًا.
-المدى الدولي والديني: قد تنظر بعض الدول والمنظمات إلى الحزب الجديد على أنه يمثل موقفًا أكثر عدلاً في القضية الفلسطينية، بينما قد تنتقده قوى أخرى لصلاته بالتوجهات اليسارية المتشددة، خاصة في سياق التنافس الدولي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.
مستقبل الحزب وتوقعات المجتمع البريطاني:
– الدعم بين الشباب والأقليات: يبدو أن الحزب يملك إمكانية كبيرة لتوسيع قاعدته الشعبية بين الشباب والأقليات، خاصة بعد نجاحه في جذب أكثر من 200 ألف عضو في أقل من يوم، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الحركات السياسية البريطانية.
– الانتخابات: إذا استمر الدعم بهذه الوتيرة، قد يحقق الحزب تغييرات في نتائج الانتخابات المحلية والبرلمانية، وربما يفرض نفسه كقوة منافسة قوية.
– التهديد لحزب العمال: ارتباطًا بالطموح الجديد والتوجهات اليسارية، قد يركز جيريمي كوربين جهوده على تقديم بديل أكثر تطرفًا وواقعية للشعب البريطاني الذي يبحث عن تغيير جذري، مما قد يقوض مواقع حزب العمال التقليدي ويجعل المنافسة أكثر حدة.
التحديات التي قد يواجهها الحزب الجديد:
-الاستدامة والاستمرارية: جذب الأعضاء هو خطوة مهمة، لكن الحفاظ على الدعم وتوجيهه بطريقة منظمة وفعالة يتطلب استراتيجية واضحة، وقد يواجه الحزب تحديات في تسيير الأمور وتنظيم الحملات.
-التوحد الداخلي: قد تظهر خلافات داخل الحزب بين المجموعات المختلفة، خاصة مع وجود تيارات يسارية واشتراكية قوية قد تتفاوت في رؤاها وأهدافها.
-الشرعية السياسية: لكي يحقق الحزب نجاحًا مستدامًا، يحتاج إلى تحويل الدعم الشعبي إلى تمثيل حقيقي في البرلمان، وهو ما يتطلب وقتًا وموارد وجهود طويلة الأمد.
ماذا قالت زعيمة حزب المحافظين عن الحزب الجديد؟
قالت زعيمة حزب المحافظين كيمى بادينوك، إن تشكيل حزب جديد بقيادة شخصيات معروفة، يعكس رغبة شريحة واسعة من المجتمع للتغيير، ويجب أن نكون على استعداد لمواجهة تحدٍ جديد يهدد الوحدة السياسية والاقتصادية للمملكة. نحن ندعو إلى حوار موازي وتركيز على السياسات التي تحفظ استقرار بلادنا.”
رأى من حزب العمال:
نشجع المنافسة السياسية الصحيحة، ولكن نؤمن أن الوحدة والأهداف الوطنية أهم من الانقسامات. سنعمل على استيعاب الدعم الذي يظهره الجمهور، ولكن نحرص على دفع السياسات التي تحقق العدالة الاجتماعية والتقدم المستدام.”
رأى مركز أبحاث سياسي دولي:
قد يؤدي ظهور حزب كوربين الجديد إلى إعادة صياغة المشهد السياسي البريطاني، ويعزز من اليسار الراديكالي.، وعلى الصعيد الدولي، قد يدعم ذلك من توجهات السياسة الخارجية التي تتبناها الأحزاب اليسارية، خاصة فيما يتعلق بدعم الحقوق الفلسطينية والتصدي للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.”
كيف سيؤثر على السياسة الدولية؟
– التوجهات الخارجية: قد يزداد الدعم العالمي للقضايا التي يتبناها الحزب، خاصة قضية فلسطين، ويؤثر على السياسات البريطانية في الشرق الأوسط.
– مواقف الحكومات الأخرى: يتوقع أن تتغير بعض مواقف الدول، خاصة الدول التي تتقاطع مع السياسات اليسارية، بحيث تساند أو تتفاعل مع التحركات الجديدة.
كيف ستتعامل الأحزاب التقليدية؟
– التكيف والتجويد: قد تحاول الأحزاب التقليدية تعديل برامجها لتلائم الدعم الشعبي المتزايد للحزب الجديد، أو أن تتخذ مواقف أكثر تقدمية.
– الانقسامات الداخلية: قد تتفاقم الصراعات بين التيارات المختلفة داخل الأحزاب، مع توجهات أكثر تطرّفًا أو اعتدالًا.
– استخدام الاستراتيجيات الإعلامية: من المتوقع أن تعتمد الأحزاب على الحملات الدعائية والتواصل المباشر مع الشارع لتأكيد مزايا سياساتها، ومحاولة احتواء نمو الحزب الجديد.
توقعات مستقبل السياسة البريطانية في ظل الحزب الجديد
1.ردود فعل الشخصيات السياسية الكبرى
– من المرجح أن يعبر رئيس الوزراء الحالي عن قلقه من إمكانية تقويض استقرار الحكومة، مشددًا على أهمية الوحدة الوطنية وتركيز الأحزاب على التحديات الاقتصادية والصحية.
– قد يقوم مسؤولون كبار في حزب العمال بالتأكيد على أن الحزب ما زال يمثل الخيار الأكثر استقرارًا، مع محاولة تقليل الدعم الذي يحظى به الحزب الجديد.
- زعماء الأحزاب اليمينية والوسط:
– من المتوقع أن يروا في الحزب الجديد تهديدًا للأجندات الليبرالية والمبادئ الاقتصادية، ومن ثم سيقومون بتشكيل تحالفات لمواجهة التمدد اليساري، من خلال إحياء برامج أكثر تماشياً مع الاحتياجات الشعبية.
- تأثير الحزب على السياسات الخارجية البريطانية
– دعم حقوق الفلسطينيين: ربما يكون لهذا الدعم أثر على السياسة الخارجية لبريطانيا، حيث قد تتخذ مواقف أكثر دعمًا للقضية الفلسطينية، اعتمادًا على قوة الحزب وتركيبه السياسي.
– موقف من قضايا العدالة الدولية: قد يزداد التركيز على القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان، ويرتفع صوت المعارضة للنفوذ الأمريكي أو الإسرائيلي، مما قد يؤدي إلى تغيير بعض السياسات الدبلوماسية.
– المنافسة الدولية: على الصعيد العالمي، قد تلعب بريطانيا دورًا أكثر نزعة إلى اليسار، يكافئ التوجهات الاشتراكية، خاصة إذا زاد دعم الحزب الشعبي لنظريات العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
- تأثير ذلك على الأحزاب التقليدية واستراتيجياتها
– تعديل البرامج السياسية: ستسعى الأحزاب الكبرى، خاصة حزب المحافظين وحزب العمال، إلى استمالة الدعم الشعبي من خلال تعديل برامجها، إما بالابتعاد عن السياسات الليبرالية المتشددة أو بإظهار مواقف أكثر تقدميّة.
– المنافسة الانتخابية: يمكن أن يرفع الحزب الجديد سقف المنافسة، مما يدفع الأحزاب إلى تبني سياسات أكثر جرأة، وهو ما قد يؤدي إلى تغيرات درامية في الانتخابات القادمة.
– الانقسامات داخل الأحزاب: ربما تتفاقم الخلافات بين الأجنحة المختلفة داخل الأحزاب، خاصة حول كيفية التعامل مع الحزب الجديد، وهل يركز الحزب الحالي على “المحافظة على التقاليد” أم يتبنى سياسات أكثر تقدمية لمواجهة المنافس الجديد.
ماذا يعني ذلك لبريطانيا سياسيًا؟
– يمكن أن يتحول المشهد السياسي إلى انقسام أكبر، مع صعود قوى يسارية أكثر تشددًا وأخرى محافظة أكثر تحفظًا.
– قد تزداد احتمالات التصعيد السياسي والاجتماعي، خاصةً إذا استمر الدعم الشعبي للحزب الجديد في النمو.
– النجاح الحقيقي للحزب الجديد يعتمد على مدى قدرته على تحويل الدعم الشعبي إلى تمثيل حقيقي في البرلمان، وهو أمر يتطلب خطة طويلة الأمد واستراتيجيات ناجحة.
انفجرَ من جديد” كوربن” كبركانٍ يلفظُ رمادَ السياسات البريطانية البالية، ويُضيءُ دربًا ثوريًا باسم “حزبكم”. إنها ليست مجرد منظمة سياسية، بل صرخةٌ في وجه الظلم، ونداءٌ للمحرومين كي ينتزعوا حقوقهم بأيديهم، من وسط عقر دار من تغنوا بالحرية والديمقراطية لعقود، وهم أول من ينتهكها تحت أقدام الايدولوجيا والمصالح الاقتصادية.
