يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، تفاقمت بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات، والذي تحول إلى أداة للتجويع الممنهج. يهدف هذا التقرير إلى توثيق الوضع الراهن، مع التركيز على استخدام الجوع كسلاح حرب، والاتهامات بالإبادة الجماعية، والاستجابة الدولية المتعلقة بهذه الانتهاكات حتى يوليو 2025.
يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة تحت حصار خانق، حيث أصبح الغذاء، الدواء، والماء النظيف سلعًا نادرة. خلال الأشهر الأخيرة، تفاقمت الأزمة بسبب القيود الإسرائيلية المشددة على دخول المساعدات الإنسانية. في يوليو 2025، سجلت المستشفيات وفاة أطفال رضع نتيجة سوء التغذية الحاد، بينما اضطر الأهالي إلى طحن الأعشاب البرية لإطعام أطفالهم. تقارير طبية رسمية أكدت وفاة عشرات الأطفال بسبب الجوع خلال أسبوع واحد فقط.
يصف المحامي رشيد مصطفى، مدير مركز الكرامة، الوضع بأنه “فصل مظلم في سجل الجرائم الدولية”، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم التجويع لإخضاع الشعب الفلسطيني وإجباره على التهجير.
تُعد سياسة التجويع الممنهج انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى أن منع الإمدادات الغذائية قد يرقى إلى استخدام التجويع كسلاح حرب، وهي جريمة دولية. كما خلصت لجنة أممية في نوفمبر 2024 إلى أن الأساليب الإسرائيلية تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية، بما في ذلك الحصار والتجويع.
أصدرت محكمة العدل الدولية أوامر ملزمة لإسرائيل لمنع المجاعة، معتبرة أن الأزمة تتجاوز الحصار التقليدي لتصبح جريمة دولية خطيرة. وفي يونيو 2025، تبنت الجمعامية العزمة للأم المتحدة قرارًا يطالب بوقف استخدام الجوع كأداة حرب، مؤكدة أن حرمان المدنيين من أساسيات الحياة ينتهك اتفاقيات جنيف.
على الرغم من القرارات الأممية، لم تتحسن الأوضاع على الأرض. تزيد إسرائيل من القيود على شاحنات المساعدات، خاصة في شمال غزة، حيث يعتمد السكان على الماء الملوث وفتات الطعام. طالبت الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز بفرض عقوبات دولية، واصفة الأزمة بأنها “حملة ممنهجة للإبادة”.
رغم هذه النداءات، يستمر الصمت الدولي، مما يثير تساؤلات حول عدد الضحايا اللازم لتحريك الإرادة الدولية وتحقيق العدالة.
تُعد الأزمة في غزة كارثة إنسانية تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا. استخدام التجويع كسلاح حرب، والاتهامات بالإبادة الجماعية، يضعان المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية لوقف هذه الانتهاكات. يجب تكثيف الجهود لضمان دخول المساعدات، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الدولية، لضمان حماية المدنيين وتحقيق العدالة.