تدين منظمة الكرامة بشدة العقوبات غير العادلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، السيدة فرانشيسكا ألبانيز، وذلك في أعقاب تقريرها الأخير الذي كشف عن الجرائم الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، مع تسليط الضوء على تورط دول غربية وشركات عالمية في دعم هذه الانتهاكات.
أصدرت فرانشيسكا ألبانيز تقريرًا أمميًا جريئًا يوثق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة إلى ما أسمته “اقتصاد الإبادة” المدعوم من شركات عالمية مثل Microsoft، Alphabet (Google)، Amazon، وLockheed Martin. هذه الشركات، حسب التقرير، تزود الجيش الإسرائيلي بأنظمة مراقبة متقدمة، وأسلحة، ومعدات ثقيلة تدعم العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأوضح التقرير أن إسرائيل ألقت 35 ألف طن من المتفجرات على القطاع، وهي قوة تدميرية تعادل ستة أضعاف القنبلة النووية التي استهدفت هيروشيما. كما دعت ألبانيز، في كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى تعليق الاتفاقات التجارية مع إسرائيل لدورها في “حرب الإبادة” المستمرة في غزة. رداً على هذا التقرير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ألبانيز، في محاولة لإسكات صوتها المستقل وتقويض عملها.
تمثل هذه العقوبات حلقة جديدة في سلسلة الضغوط التي تمارسها إسرائيل وداعموها، بقيادة الولايات المتحدة، ضد الأصوات الحرة داخل الأمم المتحدة. وتتسق هذه الإجراءات مع ممارسات سابقة، مثل الضغوط الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية لثنيها عن ملاحقة مجرمي الحرب. وقد أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى أن هذه العقوبات تشكل سابقة خطيرة تهدد أسس النظام الدولي القائم على الشرعية والقانون، مما يعكس محاولة منهجية لتقويض استقلالية المؤسسات الدولية.
تُعد العقوبات الأمريكية على ألبانيز انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية التي تحمي المقررين الأمميين المستقلين. فوفقًا لـ”اتفاق المقر” لعام 1946، يتمتع المسؤولون الأمميون بالحصانة والاستقلالية التامة أثناء أداء مهامهم، ويُحظر التعرض لهم بأي شكل من أشكال الضغط أو العقوبات. كما تتعارض هذه الإجراءات مع المادتين 100 و105 من ميثاق الأمم المتحدة، اللذين يكفلان استقلالية الموظفين الأمميين ويمنعان التدخل في عملهم أو الانتقام منهم بسبب تقاريرهم. هذا الانتهاك يقوض مصداقية الولايات المتحدة كدولة تدعي الالتزام بحقوق الإنسان، ويعكس انحيازًا واضحًا لصالح إسرائيل، مما يشجع إفلاتها من العقاب.
إن استهداف مقررة أممية لمجرد أدائها واجبها الأخلاقي والقانوني في فضح الانتهاكات يعكس ازدواجية معايير الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. هذه الممارسات تكشف تناقضًا بين الخطاب الرسمي الذي يروج للقيم الإنسانية وبين السياسات العملية التي تدعم الانتهاكات الجسيمة. إن محاولة إسكات ألبانيز لا تستهدفها شخصيًا فحسب، بل تهدف إلى إضعاف دور الأمم المتحدة كمنصة محايدة للدفاع عن حقوق الإنسان.
تدعو الكرامة المجتمع الدولي، بما في ذلك هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، إلى إدانة العقوبات الأمريكية ومطالبة الولايات المتحدة برفعها فورًا، مع ضمان عدم تكرار مثل هذه الإجراءات.
يجب تعزيز الحماية القانونية والمؤسسية للمقررين الخاصين، لتمكينهم من أداء مهامهم بحرية واستقلالية بعيدًا عن الضغوط السياسية.
تحث الكرامة الولايات المتحدة على مراجعة سياساتها التي تكرس الانحياز وتقوض مصداقيتها أمام المجتمع الدولي، مع تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن تداعيات هذا الاستهداف.
ينبغي للمجتمع الدولي دعم نتائج تقرير ألبانيز، والعمل على محاسبة الجهات المتورطة في دعم العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات العالمية.
إن العقوبات الأمريكية على فرانشيسكا ألبانيز تمثل اعتداءً صارخًا على استقلالية الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وتكشف عن محاولة منهجية لإسكات الأصوات التي تفضح الانتهاكات الإسرائيلية. تؤكد الكرامة تضامنها الكامل مع ألبانيز، وتثمن شجاعتها في كشف الحقائق رغم التهديدات. وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد هذه الإجراءات، لضمان احترام القانون الدولي وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.