أنا لا أرى في شِعرِهِ
شيئًا مُثيرْ
حتى وإنْ هتفَ الجميعُ
وأقسموا
هذا كَبيرْ
حتى وإنْ شَغَلَ العيونَ جميعَها
هزمَ الفرزدقَ أو جريرْ
حتى وإنْ باتت تُهروِلُ خلفَهُ
كُلُّ الوسائلِ
بالدعايةِ والرسومِ
وفِرقةِ المدحِ الضريرْ
أنا لا أرى في شعرِهِ
شيئًا مُثيرْ
ماذا يُفيدُ الشِّعرُ
إنْ لمْ يقتحمْ
عقلَ العبيدِ
ويوقِظُ الأفكارَ
مِنْ قلبِ السعيرْ؟
ماذا يُفيدُ الشِّعرُ
إنْ لمْ ينتقمْ
مِنْ كُلِّ فِسقٍ
أو فُجورٍ أو ظلامٍ
أسقط الأحلامَ
في قاعٍ خطير؟
ماذا يُفيدُ الشِّعرُ
إنْ لمْ يلتحمْ
بهمومِ طِفلٍ أو غريبٍ
أو عجوزٍ
بينَ جمهورِ السِّقامِ
يُريدُ حلًّا،
يَستجير؟
أو وجهِ أرملةٍ تصونُ كرامتي
وتَصدُّ أطماعَ التتارِ
ولا تكفُّ عن الْزئيرْ؟
يا أيُّها الصمتُ الحقيرْ
ما أبشعَ التصفيقَ في
دربِ المظالمِ والمهانةِ
والخيانةِ والجهالةِ
أو إذا اختلَّ الضميرْ!
يا أيُّها الشعراءُ لا تتفرقوا
يا أيُّها الشعراءُ
لا تتمزقوا
فأمامَكُم حربٌ ستطحنُ
مَنْ تراجعَ أو تخاذلَ
أو تجاهلَ عامِدًا
صوتَ النفيرْ
لا وقتَ للغزلِ الصريحِ
أو المريحِ أو القبيحِ
أو التغني بالقبيلةِ والعشيرْ
لا وقتَ للحفلاتِ في
شتَّى البقاعِ ولا المزاحِ
على الهواتفِ والمقاهي
أو خيامٍ في الهجيرْ
أنا لا أرى في شِعرِكُمْ
شيئًا مُثيرْ
وجهُ البطولةِ غائبٌ
يأبى الرجوعْ
وعيونُ أوطاني
تَئِنُ مِن الجراحِ
ولا تَكفُّ عن الدموعْ
وزهورُنا قد أمسكتْ
لونَ الضياءِ
وفارقتْ صوتَ الخضوعْ
وعدوُّنا جمعَ الحشودَ
ولمْ يزلْ وطني أسيرْ
وأنا أُناشدُ أمَّتي
لا تَرجِعي
بعد النبيِّ محمدٍ
فرقًا تقاسمتْ
الغباءَ وغادرتْ
نهجَ المَسيرْ
لنْ يجهلَ التاريخُ
يومًا صمتَكمْ
أنتمْ ومَن جذبَ العيونَ
إلى الملاعبِ والملاهي
والمراقصِ
خلفَ أصواتِ الحميرْ
أنا لا أرى في شِعرِكم
شيئًا مُثيرْ
سأظلُّ أنشدُ صحوةً
تمضي إلى نورِ الحقيقةِ
ترسمُ الحلمَ العسيرْ
لكِنَّني للآن أُعلِنُ أنَّنا
في عمقِ منعطفٍ خطيرْ
قلبي يئِنُّ مِن الجراحِ
وخُطوتي للهِ
في صبرٍ تَسيرْ
نِعمَ المعينُ على المخاطرِ
خالِقي،
نِعمَ المُجيرْ
هيَّا سريعًا فاكتبوا
شِعرًا يُوحِّد أمَّتي،
ويُعيدُها وطنًا كبيرْ
حتى نَراكُم
صانعي أبطالِنا
حتى نرى
في شِعرِكُمْ
شيئًا مُثيرْ
————————————-
– من ديوان (صوت الأقصى)