الأمة: كشفت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية أن عدد القتلى في صفوف الفلسطينيين قرب مواقع “توزيع المساعدات” في قطاع غزة ارتفع بأكثر من 8 أضعاف بين شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو الماضيين،
وذلك بالتزامن مع بدء عمل ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي جهة مدعومة وممولة من قبل الولايات المتحدة، وقد بات يُطلق عليها وصف “مصائد الموت”.
ونقلت المجلة، في تقريرها اليوم الثلاثاء، عن “مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة” أن 800 فلسطيني قُتلوا في حزيران/يونيو الماضي أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، محذرة من أن تلقي الإغاثة في غزة بات “أمرًا مميتًا”.
وأوضحت “الإيكونوميست” أن صور الأقمار الصناعية والخرائط تُظهر أن المراكز الأربعة التابعة لـ”مؤسسة غزة الإنسانية” تقع داخل مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، وهي مناطق طُلب من المدنيين مسبقًا إخلاؤها.
ومنذ أواخر أيار/مايو، تتولى “مؤسسة غزة الإنسانية” تنفيذ مشروع “أميركي إسرائيلي” للسيطرة على توزيع الغذاء داخل القطاع المحاصر،
بدلًا من منظمات الإغاثة الدولية التي رفضت الانخراط في هذا المشروع ووصفتها بأنها “مصيدة تستهدف المدنيين”، ووسيلة لإذلال السكان وتهجيرهم قسرًا.
ووثّقت وزارة الصحة في غزة مقتل 1,157 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 7,758 آخرين على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في مواقع توزيع “المساعدات” وطوابير الانتظار، منذ انطلاق المشروع الذي تقوده المؤسسة.
شكوى قضائية إلى الجنائية الدولية
في السياق ذاته، أعلنت “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” في بريطانيا أنها تقدمت بشكوى رسمية إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل في جرائم جسيمة منسوبة إلى مسؤولين في “مؤسسة غزة الإنسانية” وشركات أمنية متعاقدة معها.
وقالت المنظمة، في بيان لها إن الجرائم المرتكبة تندرج ضمن اختصاص المحكمة وتشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والمشاركة في جريمة الإبادة الجماعية، بموجب ما ورد في نظام روما الأساسي.
وأشارت إلى أنها أرفقت شكواها بأدلة وصور وخرائط التقطتها الأقمار الصناعية تُظهر أن مراكز المؤسسة أُنشئت لأغراض القتل والتجويع والتهجير، لا لأهداف إنسانية.
ووفقًا للبيان، فإن الصور الجوية تكشف أن هذه المراكز بُنيت وفق نمط القواعد العسكرية، بمداخل ضيقة تمتد في اتجاه واحد لمسافات طويلة تؤدي إلى مناطق اختناق تدريجي.
وعند تقدم المدنيين داخل هذه الممرات، يتم إطلاق النار عليهم، وفي بعض الحالات تُطلق قذائف دبابات بشكل مباشر نحو الجموع.
وأضافت المنظمة أن عمليات القتل لا تزال تتصاعد داخل وحول مواقع توزيع المساعدات، وأنها موثقة من خلال شهادات ميدانية وتقارير أممية وإعلامية مستقلة،
مما يعزز من الأدلة على أن هذه المراكز تحولت إلى مصائد قتل تُدار ضمن أهداف عسكرية وتُستخدم كغطاء لعملية تجويع ممنهجة بحق سكان غزة.
وفي ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والدعم الأميركي المتواصل، وصل مستوى التجويع في القطاع إلى معدلات غير مسبوقة، وفقًا لتقارير طبية وإنسانية. فقد سُجّلت 147 حالة وفاة بسبب الجوع والجفاف، من بينها 88 طفلًا، بحسب ما أفادت به المصادر الطبية في غزة.
وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن “مؤسسة غزة الإنسانية” لعبت دورًا مباشرًا في منع إدخال المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية،
مما أسفر عن وفاة مدنيين، بينهم أطفال، نتيجة نقص حاد في الغذاء والدواء، وسط تحذيرات من أن الجوع بات يهدد حياة عشرات الآلاف من سكان القطاع.
وفي وقت سابق، انتقد المفوض العام لوكالة “الأونروا”، فيليب لازاريني، بشدة ما يُعرف ببرامج توزيع المساعدات، وعلى رأسها “مؤسسة غزة الإنسانية”، واصفًا إياها بـ”فخ مميت سادي”،
مشيرًا إلى أن قناصة الاحتلال يفتحون النار بشكل عشوائي على الحشود التي تتزاحم للحصول على الطعام، وكأنهم يحملون “رخصة للقتل”، وسط مطاردات جماعية للمواطنين دون أي مساءلة أو محاسبة.
وأكد المفوض العام للأونروا أن هذا “لا يمكن أن يكون هو الوضع الطبيعي الجديد”، مشددًا على أن المساعدات الإنسانية لا يجوز أن تتحول إلى مهمة ينفذها المرتزقة.
وأضاف: “نحن في الأمم المتحدة، ومعنا شركاؤنا الإنسانيون، نمتلك الخبرة والقدرة والموارد لتقديم المساعدات بأمان وكرامة وعلى نطاق واسع، وقد أثبتنا ذلك في فترات سابقة من وقف إطلاق النار”.
وختم لازاريني تصريحاته بمطالبة عاجلة بوقف هذه “الجريمة البشعة” والضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 204 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود،
إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.