في خطوة سياسية لافتة تحمل أبعادًا دبلوماسية وإنسانية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن المملكة المتحدة قد تعترف رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، ما لم تُنهِ إسرائيل “الوضع المروع” في قطاع غزة. تصريح ستارمر لم
يأتِ في سياق مفاجئ، بل يعكس تنامي الضغط السياسي والشعبي داخل بريطانيا وأوروبا للتعامل بجدية مع الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع منذ أشهر.
لكن تعبير “الوضع المروع” الذي استخدمه رئيس الوزراء يبقى مفتوحًا للتأويل، ويعكس عمق المأساة القائمة دون أن يحدّد بصورة دقيقة ما الذي يتوجب على إسرائيل فعله لتفادي اعتراف بريطانيا بفلسطين.
في جوهره، يشير المصطلح إلى سلسلة من الكوارث المتراكمة: آلاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، تدمير واسع للبنية التحتية، نزوح داخلي جماعي، مجاعة تلوح في الأفق، ونظام صحي مهدد بالانهيار الكامل. فالوضع في غزة، كما تصفه منظمات أممية، خرج عن السيطرة الإنسانية، ولم يعد يطاق تحت أي مقياس.
التصريح يحمل في طياته تحذيرًا مبطنًا لإسرائيل، بأن استمرار العمليات العسكرية وتجاهل الكارثة لن يمرّا دون تبعات دبلوماسية. بريطانيا، التي لطالما تبنت مواقف متحفظة في مسألة الاعتراف بفلسطين،
تبدو اليوم أقرب إلى استخدام هذا الملف كورقة ضغط لإجبار الحكومة الإسرائيلية على كبح جماح التصعيد، وفتح الطريق أمام تسوية سياسية أو على الأقل هدنة إنسانية طويلة الأمد.
في هذا السياق، يتضح أن المقصود بـ”إنهاء الوضع المروع” لا يعني فقط وقف إطلاق النار، بل يشمل أيضًا وقف استهداف المنشآت المدنية، السماح بدخول المساعدات الإنسانية، حماية المدنيين، وإظهار نوايا حقيقية نحو تهدئة قابلة للاستمرار.
هكذا، يدخل ستارمر المعادلة الدولية بلغة مزدوجة: تعاطف مع الفلسطينيين، وضغط محسوب على إسرائيل، مع ترك الباب مواربًا أمام تحرك دبلوماسي مشروط. سبتمبر سيكون محطة فارقة، ليس فقط للفلسطينيين، بل لصورة بريطانيا في الشرق الأوسط، ولعلاقاتها التقليدية مع تل أبيب.