تعاني سوريا من عجز تجاري متفاقم بلغ نحو 28% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، مقارنة بـ11% في 2011. هذا التدهور ناتج عن تراجع الصادرات إلى سدس قيمتها قبل الحرب، وانخفاض الإنتاج النفطي والصناعي والزراعي بفعل الحرب، العقوبات، هروب رؤوس الأموال، والنزوح السكاني الكبير.
السلطة الجديدة تروّج لنموذج “السوق الحرة” والانفتاح التجاري مع الخارج كحل، متجاهلة في البداية مخاطر الاندماج غير المتكافئ مع الاقتصاد العالمي. لكن هذا التوجه أثار اعتراضات الصناعيين المحليين الذين يخشون منافسة البضائع المستوردة. وقد تراجعت الحكومة لاحقاً عن بعض خطوات الانفتاح بفرض رسوم جمركية جديدة.
في ظل استمرار عجز الحساب الجاري (بلغ تراكمياً 42 مليار دولار بين 2011 و2023)، اضطرت الدولة لاستنزاف احتياطياتها من النقد الأجنبي، واللجوء إلى تحويلات السوريين في الخارج التي بلغت 3.7 مليار دولار في 2023. كما واجهت البلاد أزمة في البيانات الإحصائية اللازمة لرسم سياسات تجارية فعالة.
الخبير جهاد يازجي يرى أن الإصلاحات قد تحسّن الصادرات بفضل تراجع تكاليف النقل وانخفاض الفساد بعد إزالة حواجز كانت تفرضها قوات النظام السابق. أما قطاع النفط، فلا يُتوقع تعافيه قريباً، لكن زيادات بسيطة في الإنتاج قد تقلّص واردات الطاقة.
بالمقابل، يطرح تقرير “سيريا ريبورت” بديلاً اقتصادياً يقوم على دعم الإنتاج المحلي، عبر سياسات حمائية مدروسة، وتحفيز الاستثمارات، وخفض تكاليف الإنتاج، كمدخل لمعالجة اختلال التجارة وتقليص الاعتماد على الخارج. يُعتبر هذا النموذج أكثر ملاءمةً لواقع سوريا ما بعد الحرب مقارنة بالانفتاح غير المقيد.