نعم بإذن الله سينتصر الإسلام في أرض الشام ولكن بشروط ومواصفات لازمة تتعلق بجوانب ثلاثة هي:
1/ التصورات والأفهام والمناهج التي تصوغ كنه المشروع.
2/ خامة النصر وهي الشعب المنتمي لهذا الدين، والمؤمن بتعاليم رسالته.
3/ القيادة المؤمنة بالمشروع والمنحازة للشعب المتصلة به والمعبرة عنه.
الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء.
قد تتساءل النفوس الضعيفة عن إمكانيه تحقيق النصر في سورية الحالية رغم أنها أصبحت هشة بلا قوة عسكرية، وتستجدي تمويلها من الدول الخليجية المرتبطة بقرار أمريكي، فكيف يمكن أن يتحقق النصر في واقع مادي هش وضعيف، لاسيما بعدما فر وكيل أمريكا في سورية بشار الأسد وسرق كل ذهبها ومقدراتها المالية، وذلك بعد أن أتلف فيها الشجر والحجر وقتل البشر، ثم جاءت إسرائيل لتكمل المسار وقامت بتدمير كل السلاح السوري الذي دفعت مقابله بلايين الدولارات من قوت الشعب السوري؟
خامة النصر هي الإنسان.
تغفل كثير من المشاريع السياسية عن أن خامة النصر هي الإنسان والجماعة والمجتمع، وأن الإنسان هو الذي يصنع كل شيء وليس العكس.
إن أعظم عنصر امتلكته التجربة الإسلامية الواعدة في سورية هو الإنسان الفرد والعائلة والجماعة والمجتمع، وهو خامة النصر التي جعلها الله سنة وقانونا للتغيير، يكسر به الباطل مهما بلغت شوكته وغطرسته وكبره، بشرط أن يكون قد امتلك الحق الشرعي وآمن به، وأدرك حقائق الواقع الموضوعي واعتبرها في إعداده وخطواته ومده وجزره.
حيوية الفرد والمجتمع في ميزان التغيير.
إن الإشارة للإنسان الفرد والجماعة بأنه خامة النصر التي يقيم الله بها الحق في الأرض، ويكسر بها شوكة الباطل، تستلزم مواصفات وسلوك يصطبغ به الفرد والجماعة حتى يستحق هذا النصر وفق سنن الله في التغيير، فكما يستحق المسلمون النصر من الله والتأييد عندما يتصفون بالصلاح، فإنه قد يحل عليهم سخط من الله وخسران كبير، وذلك إذا ما أسرفوا في المعاصي وجاهروا بها واتبعوا الشهوات، وإذا ما صمت صالحيهم عن المنكرات المجتمعية والسياسية.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي وسيلة حفظ الدين واستقامة المجتمع وعدل السلطان.
يمكن للدعاة والمصلحين أن يستشرفوا نتائج أعمال التغيير من خلال مقدمات ظاهرة، فمشاريع الأنبياء والمرسلين لم تقم على نبوءات ولا خرافة، بل طرحت أسبابا ومسببات، ومقدمات ونتائج في منهجية واضحة قبل أن تغوص في ميادين التغيير، وهي صورة بينة في خطاب المرسلين إلى أقوامهم مع بدء دعوتهم، وذلك من باب التبيين الواجب لتحقيق هداية النفوس السوية، وكذلك إقامة الحجة على أصحاب النفوس المريضة والقلوب التي لا تفقه محل الخير ولا قبح الشر نتيجة شهواتها العمية.
مقياس السوية في مشروع البناء والتغيير في سورية!
لقد حفظ الله دينه رغم ختم النبوة خلال 15 قرنا، وذلك من خلال ركيزة وآلية:
فأما الركيزة:
فهي العلماء ورثة الأنبياء في تبيين الحق والدين وما ينفع الناس دون ضعف ولا مواربة ولا مجاملة على حساب الحق والهدى والدين، لاسيما وأن وراثتهم لدور النبوة يترجمها اتصالهم بالوحيين قرآنا وسنة، وتنزيل أحكامهما تنزيلا صحيحا في واقع المسلمين اليوم.
وأما الآلية:
فهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين يشكلان وسيلة حفظ الدين، ورعاية مصالح العباد المرتبطة بمقاصد الشريعة، واستقامة السلطان على الحق والعدل والمساواة وتجسيد القيم الإسلامية التي أنزل لأجلها القرآن وبعث لأجلها الرسل.
والسؤال يقول:
كيف يمكن أن نقيس الحالة السورية في ميزان مشروع التغيير؟
إن حيوية الفرد والمجتمع في قيامه بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتناوله لتلك المسألة يمكن رصدها من خلال النقد الناصح في كل ميدان يتعلق بمسائل الدنيا والدين والسياسة ومصالح الشعب.
النقد هو العقل وهو أمر بمعروف أو نهي عن منكر.
دلالة حضور النقد.
إن توفر النقد في الساحة السورية بين علمائها ودعاتها وطلاب العلم فيها يشير إلى حضور وحيوية العقل الإسلامي، وبقدر غياب النقد فإنها تتجسد مصيبة غياب العقل الراشد وتبرز آثام تلك المصيبة في حياة الفرد والمجتمع، بغض النظر عن الطلاء الظاهر للرأس، فالمعتبر هو العقل، ولذلك فإن النبي الأمين لم يقل اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن عقله زبيبة، بل وصف رأسه وليس عقله بالزبيبة.
دلالة شكل التعامل مع النقد.
إن شكل التعامل مع النقد بين العالم والسلطان، وبين الحاكم والمحكوم، هو دليل السوية والارتقاء والنهضة والعمران، هذا العمران الذي لا يمكن أن يتحقق بعقلية الفرد المستبد الذي لا يملك آذانا كائنا من كان، وبغض النظر عن عناوينه المرحلية.
وبكلمة يمكن القول إن خامة النصر متوفرة في سورية، وإن حيوية الفرد والمجتمع هي من مقدمات النصر، وإن الذي يقرر سويتها هو القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعنوانه النقد.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 28/7/2025