يشهد شرق البحر الأبيض المتوسط تصاعدًا في التوترات بين اليونان وليبيا بسبب الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية، خاصة بعد إعلان ليبيا في مايو 2025 عن حدود جرفها القاري بناءً على مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا عام 2019. تستعد اليونان لتقديم رد قانوني رسمي إلى الأمم المتحدة خلال أيام، للدفاع عن حقوقها السيادية في المناطق البحرية المتنازع عليها، خاصة جنوب جزيرة كريت.
مذكرة التفاهم الليبية-التركية (2019): في 27 نوفمبر 2019، وقّعت ليبيا (حكومة الوفاق الوطني) وتركيا مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط، تم تسجيلها رسميًا لدى الأمم المتحدة في 11 ديسمبر 2019 بموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. تؤكد ليبيا أن هذه المذكرة تمثل تسوية قانونية عادلة وفق القانون الدولي، وتوسّع نطاق سيادتها البحرية بنحو 40 ألف كيلومتر مربع مقارنة بالترسيمات المقترحة من اليونان.
رد اليونان ومصر (2020): في أغسطس 2020، وقّعت اليونان ومصر اتفاقية مضادة لترسيم الحدود البحرية، بهدف تعزيز حقوقهما في المناطق الاقتصادية الخالصة (EEZ) في شرق المتوسط. اعتبرت ليبيا هذه الاتفاقية باطلة وغير متسقة مع قانون البحار، مدعية أنها تنتهك سيادتها البحرية.
إعلان ليبيا الأخير (مايو 2025): قدمت ليبيا مذكرة شفوية إلى الأمم المتحدة في 27 مايو 2025، تضمنت خرائط وإحداثيات تحدد حدود جرفها القاري بناءً على اتفاقيتها مع تركيا. أدانت ليبيا المناقصات اليونانية للتنقيب عن النفط والغاز جنوب كريت، معتبرة إياها انتهاكًا لسيادتها.
الرد القانوني: تستعد اليونان لتقديم تقرير قانوني شامل إلى الأمم المتحدة يتضمن خريطة توضح “الخط الوسيط” بين المناطق البحرية اليونانية والليبية، استنادًا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS). تؤكد اليونان أن جزيرة كريت، كجزء من أراضيها، لها حقوق كاملة في تحديد المناطق البحرية، بما في ذلك الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة.
رفض المذكرة الليبية-التركية: تعتبر اليونان مذكرة التفاهم الليبية-التركية لعام 2019 غير قانونية وباطلة بموجب القانون الدولي، لأنها تتجاهل حقوق الجزر اليونانية (مثل كريت) في تحديد المناطق البحرية، وتتعارض مع مبدأ الخط الوسيط المنصوص عليه في قانون البحار.
دعوة للحوار: دعا رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية إلى محادثات لترسيم الحدود البحرية بما يتماشى مع القانون الدولي، معربًا عن استعداده للتفاوض مع كل من حكومة طرابلس وسلطات بنغازي.
تأكيد السيادة: تؤكد ليبيا أن المناطق البحرية المحددة في مذكرتها مع تركيا تقع ضمن سيادتها الكاملة، وترفض أي حقوق لليونان أو مصر في هذه المناطق. تعتمد ليبيا على مبدأ اعتبار اليابسة (السواحل الليبية) أساسًا للترسيم، متجاهلة تأثير الجزر اليونانية مثل كريت.
احتجاج رسمي: في يونيو 2025، قدمت ليبيا مذكرة احتجاج إلى الأمم المتحدة ضد المناقصات اليونانية للتنقيب عن الهيدروكربونات في منطقتي “كريت 1” و”كريت 2″، معتبرة أن 85% من هذه المناطق تقع ضمن إقليمها البحري.
دعم تركيا: عززت تركيا علاقاتها مع ليبيا، خاصة مع سلطات شرق ليبيا، من خلال مشاريع تنموية وصفقات عسكرية، لدعم التصديق على الاتفاقية البحرية. في 25 يونيو 2025، وقّعت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية مذكرة تفاهم مع شركة النفط التركية لإجراء مسوحات زلزالية مشتركة.
اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS): تشكل الأساس القانوني الرئيسي للنزاع. تنص المادة 74 على أن ترسيم المناطق الاقتصادية الخالصة يجب أن يتم بالاتفاق بين الدول المتقابلة أو المتجاورة بناءً على القانون الدولي لتحقيق حل عادل. تؤكد اليونان على حق الجزر في تحديد المناطق البحرية، بينما تعتمد ليبيا على مبدأ الخط الأوسط من اليابسة.
الخط الوسيط: تطالب اليونان بحساب الخط الوسيط بناءً على جزرها، بينما ترفض ليبيا اعتبار كريت نقطة مرجعية، معتبرة أنها تفتقر إلى الوزن الجغرافي المكافئ للسواحل الليبية.
الشرعية الدولية: تؤكد ليبيا أن مذكرتها مع تركيا مسجلة رسميًا لدى الأمم المتحدة، مما يمنحها شرعية دولية، بينما تعتبر اليونان أن هذه المذكرة تنتهك UNCLOS ولا تنتج آثارًا قانونية.
التوترات الإقليمية: يفاقم النزاع التوترات في شرق المتوسط، حيث تتنافس دول مثل تركيا، مصر، وقبرص على الموارد الطبيعية (النفط والغاز). الاتحاد الأوروبي، بدعم من مصر والسعودية، يقف إلى جانب اليونان، بينما تعزز تركيا نفوذها في ليبيا عبر اتفاقيات اقتصادية وأمنية.
الانقسام الليبي: الانقسام السياسي في ليبيا بين حكومة طرابلس وسلطات بنغازي يعقد المفاوضات. تسعى حكومة طرابلس للتهدئة مع اليونان، بينما تتبنى سلطات الشرق نهجًا تصعيديًا بدعم تركي.
أزمة الطاقة: تُعد المناطق المتنازع عليها غنية باحتياطيات الغاز (تتجاوز 3 تريليون متر مكعب)، مما يجعل النزاع حيويًا لأمن الطاقة الأوروبي، خاصة بعد الحرب الأوكرانية.
زيارة الوزير اليوناني: في يوليو 2025، زار وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابتريتيس طرابلس والتقى بمسؤولين ليبيين، لكنه لم يحرز تقدمًا ملموسًا بسبب تمسك ليبيا بمذكرتها مع تركيا.
دعوة اليونان للحوار: تسعى اليونان لتخفيف التوتر عبر حوار دبلوماسي، لكنها تصر على أن أي تسوية يجب أن تستند إلى UNCLOS.
رد ليبيا: أثارت المناقصات اليونانية للتنقيب جنوب كريت ردود فعل غاضبة من ليبيا، التي استدعت السفير اليوناني وسلّمت مذكرة احتجاج إلى الأمم المتحدة.
التفاوض الثنائي: يجب على اليونان وليبيا استئناف المفاوضات الثنائية التي توقفت عام 2006، مع التركيز على مبدأ الخط الوسيط وفق UNCLOS.
وساطة دولية: يمكن للأمم المتحدة أو طرف ثالث محايد (مثل مالطا) التوسط لتسهيل الحوار وتجنب التصعيد.
تجنب الخطوات الأحادية: على اليونان تعليق مناقصات التنقيب مؤقتًا، وعلى ليبيا الامتناع عن إجراءات استفزازية مثل المسوحات الزلزالية مع تركيا، لحين التوصل إلى اتفاق.
إشراك الأطراف الإقليمية: إشراك مصر والاتحاد الأوروبي في المفاوضات قد يساهم في تحقيق توازن إقليمي.
يمثل النزاع حول ترسيم الحدود البحرية بين اليونان وليبيا تحديًا معقدًا يجمع بين القانون الدولي والمصالح الجيوسياسية. التحرك اليوناني لتقديم رد قانوني إلى الأمم المتحدة يعكس تصميمها على حماية حقوقها السيادية، بينما يعزز موقف ليبيا المدعوم من تركيا التوترات في المنطقة. الحوار الدبلوماسي القائم على القانون الدولي هو السبيل الوحيد لتجنب التصعيد وضمان تسوية عادلة تحافظ على الاستقرار في شرق المتوسط.