تشكلت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين خلال السنوات الخمس الماضية عبر توترات اقتصادية وتكنولوجية، بدءًا من الحرب التجارية وتعريفات 2018 وصولًا إلى التدخل في سلاسل الإمداد الحيوية خلال جائحة كورونا.
هذا الإطار يفسّر الحذر الشديد في أي قرار تقني أو طاقي اليوم، خاصة أن كل خطوة تُنسج في شبكة متشابكة من الأمن القومي وإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي (بناءً على تحليلات مركز العلاقات الخارجية).
انفراجة مشروطة في ملف التكنولوجيا — تراخيص إنفيديا
منحت وزارة التجارة الأمريكية تراخيص لشركة إنفيديا لتصدير رقائق الذكاء الاصطناعي H20 إلى الصين، وسط توتر بين دعم قطاع التكنولوجيا الأمريكي وقلق واشنطن من أن بكين قد تقلص الفارق التقني. القرار جاء بعد لقاء بين رئيس الشركة والرئيس الأمريكي، ما أثار جدلاً بين الأطراف الأمنية والاقتصادية.
هذا التطور يعيد بعض التبادل التجاري لحال ما قبل القيود، ولكنه يبقي الولايات المتحدة في حالة توازن دقيق بين العوائد الاقتصادية والمخاطر الإستراتيجية (وفقاً لتقرير فايننشال تايمز).
خلاف الطاقة — ورقة ضغط تعقّد المفاوضات
في المقابل، تواجه المحادثات التجارية أزمة كبيرة بعد رفض الصين التراجع عن وارداتها النفطية من روسيا وإيران، رغم الضغوط الأمريكية لوقفها. بكين ترى أن أمن الطاقة خطّاً أحمر يُلامس الاستقلالية الاقتصادية، بينما واشنطن تنظر إليه كأداة ضغط لمنع تعزيز تحالفات استراتيجية منافسة.
هذا الخلاف لا يعرقل فقط تمديد هدنات الجمركية، بل يعقّد الأفق التفاوضي لمستقبل العلاقات التجارية بشكل جذري (وفقاً لتقارير وكالة رويترز).
الصادرات الصينية وإعادة توجيه التجارة
بيانات حديثة تُظهر ارتفاعًا في صادرات الصين بنحو 7.2٪ في يوليو على أساس سنوي، وإن كان التراجع ملحوظًا في الشحنات إلى الولايات المتحدة. هذا النمو يعكس قدرة الصين على التعويض عبر أسواق بديلة مثل جنوب شرق آسيا وأفريقيا، بأسلوب يُضفي عليها مرونة أكبر في مواجهة الضغوط الأمريكية، بما يعزز قدرتها على إعادة تشكيل سلاسل القيمة (وفقًا لبيانات واشنطن بوست).
البُعد الجيوسياسي — تايوان ومحاكاة الأزمة
محاكاة عسكرية حديثة أظهرت أن سيناريو حصار شامل على تايوان سيضع الدول المجاورة أمام تحديات لوجستية ضخمة، مع إفادة قوية من سنغافورة كلاعب محوري في عمليات الإخلاء والإمداد.
هذه المعطيات تقدّم تذكيرًا خطيرًا بأن أي تصعيد عسكري أو أمني قد يحوّل الخلاف الاقتصادي إلى أزمة إقليمية واسعة تشمل تداعيات إنسانية وخروج عن المسار الطبيعي للتجارة (وفقًا لتغطية وكالة رويترز).
سيناريوهات محتملة للستة أشهر القادمة (حتى مطلع 2026)
1) السيناريو الأساسي — تجميد تفاوضي مع تيسير تجاري محدود
في ظل استمرار إصدار تراخيص محدودة وتقليص الضغط على ملف الطاقة دون اهتمام بجذوره، قد نحصل على تمديد مؤقت للهدنة الجمركية واحتواء للتوتر، ما يتيح استقراراً نسبياً في التجارة (بناء على اتجاهات الأسبوع الحالي لمجموعة فايننشال تايمز وواشنطن بوست).
2) السيناريو المتفائل — اتفاق جزئي واستعادة ثقة تجارية
إن نجحت المفاوضات التقنية، ربما بتنظيم تراخيص محسوبة للطرفين وإيجاد حلول للطاقة عبر آليات شفافة (شرعية)، فقد نصل إلى بداية لمرحلة تجارية أكثر استقرارًا — مثال على ذلك قد يكون ترتيب لتبادل تكنولوجي يسمح بالتعاون في قطاعات مدنية (تقارير إعلامية ترجّح هذا الخيار في بعض الجلسات المغلقة).
3) السيناريو المتشائم — تصعيد تعريفي/تجاري واسع
في حالة فشل المفاوضات، فإن توسع الولايات المتحدة في فرض تعريفات ثانوية على سلع الطاقة أو توسيع حظر الصادرات التقنية قد يدفع بكين للرد باتخاذ إجراءات مماثلة، مما يؤدي إلى تصعيد واسع في التعريفات وتعطيل في سلاسل التوريد العالمية، ما يتسبب في ارتفاع عالمي في الأسعار (تحليلات وردت في تقارير رويترز وDW).
4) سيناريو التصعيد العسكري/أمني — حادثة إقليمية تؤدي إلى انهيار
تنشأ أزمة من حادث محتمل قرب ممر استراتيجي أو في مضيق حساس، مما يؤدي إلى إحكام الكتلة العسكرية والتحكم البحري، مما يعطل طرق التجارة البحرية ويؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والمواد الخام. هذا السيناريو، استعرضته محاكاة وكالة رويترز، يحتمل أن ينتقل إلى أزمة إنسانية إذا ما سُحبت عناصر دولية إلى المنطقة.
توصيات عملية للجهات المختلفة
الحكومات: الحفاظ على قنوات تفاوض مفتوحة وتفادي التوتر المفاجئ عبر حوار دبلوماسي هادئ ومتعدد الأطراف.
الشركات التكنولوجية: بناء سلاسل إمداد مرنة، الاستثمار في الامتثال القانوني، والتخطيط لبدائل السوق.
المستثمرون: تنويع المحافظ الجغرافية والقطاعية، وتحوّط ضد تقلب أسعار الطاقة والمواد الاستراتيجية.
المجتمع المدني والإعلام: متابعة تطورات النبرة السياسية لأنها مفصلية؛ أي تصعيد قد يؤثر مباشرة على الأسعار والحياة اليومية.