بينما تتكدس الأخبار على مدار اليوم بقصاصات الأزمات العالمية، تقف ” غزة ” كقصة مؤثرة من صراع الزمن والمجاعة والتقاطع السياسي، وتغول وتجبر المحتل، وخذلان بنى جلدتها أمام أعين العالم،.
أطلق فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، تحذيرا حادا من تدهور غير مسبوق في صحة الأطفال وتفاقم حاد في أزمة الجوع التي تزداد اشتعالا يوما بعد يوم.
ففي مؤتمر صحفي يلتقط فيه العالم أنفاسه بين التعليقات السياسية وخطابات المجتمع الدولي، حذر -الحق- من أن معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في غزة بلغت أعلى مستوى مسجل في التاريخ، مذكرا بأن وراء كل رقم طفل يواجه خطرا حقيقيا على حياته.
وقال أن الإحصاءات الأخيرة تؤكد أن شهر يوليو وحده شهد فحص 136 ألف طفل دون سن الخامسة وتشخيص 12 ألفا بينهم بسوء تغذية حاد، بينهم 2500 طفل في خطر شديد يتهدد حياتهم، ما يجعل من الأزمة الصحية جزءا لا ينفصل عن أزمتين أعمق: فقر مدقع وتقييدات سياسية تؤثر على سبل الوصول للخدمات الحيوية.
رصد الوضع بشفافية وتحليل سياقي
-استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية: نداء حاد يطلقه المجتمع الدولي لأن أطفال غزة يدفعون الثمن المباشر للنزاع المستمر، وتردي الأمن الغذائي يعكسه تفاقم المؤشرات الصحية التي عادة ما تكون حساسة للتغيرات السياسية والاقتصادية.
-إحالة إلى بيانات فحص حديثة: خلال شهر يوليو تموز فقط، تم فحص 136 ألف طفل أقل من خمس سنوات، وتبين أن 12 ألفا منهم يعانون من سوء تغذية حاد، وهو رقم يشير إلى وجود طيف من الحالات تتراوح بين نقص الغذاء الحاد والتهديدات الحقيقية للحياة.
-شدة الخطر لدى فئة الأطفال: من بين المصابين بسوء التغذية الحاد، هناك 2500 طفل في خطر شديد يتهدد حياتهم، وهو ما يرفع مستوى القلق الصحي والإنساني ويستلزم استجابة عاجلة من وكالات الأمم المتحدة وشركائها من منظمات المجتمع المدني.
قراءة على الأرض وتبعاتها
-تأثير صحي مباشر: سوء التغذية الحاد يضع الأطفال في مسار مخاطر صحية مزمنة أو فورية، بما في ذلك انخفاض المناعة، وزيادة معدلات الأمراض المعدية، وتراجع النمو البدني والعقلي. هذه النتائج تتضاعف في بيئات تتسم بالحصار أو القيود على إدخال الغذاء والرعاية الصحية العاجلة.
-انعكاسات إنسانية وسياسية: الأزمة ليست مجرد مسألة غذاء، بل تعكس وتضاعف تراجع القدرة على تقديم الخدمات الأساسية وتوفير الحماية للأطفال، وتضع المجتمع الدولي في مواجهة مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه السكان المدنيين في مناطق النزاع.
-الحاجة إلى استجابة منسقة: وجود هذا المستوى من الاحتياج يتطلب تعاونا بين الأمم المتحدة، وشركاء إنسانيين، والجهات المانحة لضمان وصول المساعدات الغذائية والتغذوية إلى الأسر في أسرع وقت وبأقل تعقيد إداري ممكن، إضافة إلى العمل على حلول طويلة الأمد تتعلق بالأمن الغذائي وتوفير الرعاية الصحية والتغذية للجيل الجديد.
الإطار السياسي والإنساني
-التحدي السياسي: القيود والظروف التي تؤثر على حرية الحركة وتوصيل المساعدات تشكل عائقا رئيسيا أمام استجابة فعالة، ما يجعل من العمل الإنساني جزءا من نقاشات سياسية أوسع حول حماية المدنيين وحقوقهم في الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية.
-الاستجابة الدولية: البيانات التي تفرزها وكالات الأمم المتحدة تسعى إلى وضع إطار واضح يوازن بين الحياد الإنساني وضرورة الضغط السياسي على الأطراف المعنية من أجل حماية الأطفال وتوفير احتياجاتهم الأساسية.
الشراكات الممكنة: تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة، المؤسسات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني المحلية يمكن أن يسهم في تقليل التأخير وتوجيه الموارد إلى المناطق الأكثر حاجة، مع تعزيز آليات الرصد والتقييم لضمان فعالية التدخلات.
خطة عمل موصوفة للوصول إلى حلول فورية ومستدامة
-توسيع نطاق المساعدات الغذائية والتغذوية: زيادة الدفعات الغذائية المخصصة لأسر الأطفال دون سن الخامسة، مع تزويد مراكز الرعاية الصحية بإمدادات تكفي لنداءات الطوارئ والتغذية العلاجية.
-تعزيز الخدمات الصحية والتغذوية: توفير فحوصات روتينية لسوء التغذية، وبرامج علاجية للسوء التغذية الحاد بما في ذلك الرعاية المتكاملة للأطفال المصابين، وتوفير مكملات غذائية وخطط تغذية فردية.
-دعم الأسر والحد من فقدان الدخل: برامج دعم نقدي أو مساعدات غذائية مركزة يمكن أن تخفف من الضغط على الأسر وتتيح لها الوصول إلى الغذاء الصحي بشكل مستدام.
-آليات حوكمة وشفافية: تحسين الرصد وتبادل البيانات بين الوكالات لضمان توجيه الموارد إلى الأكثر احتياجا، وتقديم تقارير دقيقة وشفافة عن أثر التدخلات.
في وقت تتكاثر فيه التحذيرات من أزمة جوع لا تميّز بين الأعمار، وتخترق كل جدار من جدران القلق، يقف العالم أمام اختبار مسؤولية وتضامن. الأطفال في غزة صاروا ساحة اختبار لقدرة المجتمع الدولي على التحرك بسرعة وإنسانية،
وعلى مدى قدرته ليس فقط على سرد أرقام مخيفة بل على تحويلها إلى أفعال ملموسة تغير واقع حياة هؤلاء الأطفال وتفتح لهم نافذة أمل في كل يوم. والرهان يبقى على وجود إرادة جماعية ترفض أن يظل صوت الأطفال وهو يطرق باب الإنسانية بلا صوت یُسمع.