قال صاحبي: منذ فترة وأنا أريد أن أسألك عن آية في سورة التوبة؛ عن قول الله تعالى: {لو يجدون مَلْجَأً أو مَغَارَاتٍ أو مُدَّخَلًا لَوَلَّوا إليهِ وَهُم يَجْمَحُون} أنا مش فاهمها!
قلت: يا سيدي؛ هذه آية من جملة الآيات التي كشف الله بها ستر المنافقين في سورة التوبة وفضح بها سرائرهم.. نسأل الله العفو والعافية..
يعني لو يجد هؤلاء المنافقون: {ملجأً} أي: حِصنًا يلجأون إليه، أو {مغارات} أي: كهوفًا في الجبال يختبئون فيها، أو {مُدَّخًلًا} أي: نفقًا ينزوون فيه، والمُدَّخل: مفتعل من الدخول.. وقد قرأها يعقوب: {مَدْخَلًا} وقرأ الباقون: {مُدَّخَلًا} كحفص.
لو يجد هؤلاء المنافقون شيئًا مما تقدّم: {لَوَلْوْا إليه} أي: لأقبلوا نحوه مسرعين {وهم يجمحون} أي: يسرعون إسراعًا لا يردّهم معه شيء؛ كالفرس الجموح؛ وهو الفرس الذي يسرع في عَدْوه فلا يرده شيء..
وقد جاء في غير المتواتر من القراءات في هذه الآية:
– (مُدْخَلًا): قرأ بها مسلمة بن محارب وعبد الله بن مسلم؛ وتعني: مكانًا يُدخِلون فيه أنفسهم.
– (مُتَدَخَّلًا): قرأ بها أُبي بن كعب رضي الله عنه؛ مشتقة من تَدَخّل..
– (مُنْدَخَلًا): قرأ بها أيضا أُبيّ بن كعب رضي الله عنه؛ مشتقة من انْدَخَل على وزن منفعل، وقد قال ابن جنّي أن منفعل هنا شاذّ لأن ثلاثيّة غير متعدٍّ.
– (يجْمِزون): قرأ بها أنس بن مالك رضي الله عنه؛ مشتقة من الجَمَّازة وهو أكرم خيول العرب..
فسبحان الله علّام الغيوب، المطلع على خبايا النفوس والقلوب.. وسبحان من هذا كلامه وإحكامه؛ الذي له حلاوة، وعليه طلاوة، وهو يعلو ولا يعلى عليه.