أطفال يصرخون تحت أنقاض الذكريات، أمهات ينتحبن على جثث الأحلام، بيوت تدمر في لحظات، وقلوب تتحطم أمام عجز العالم كله، دارفور تنزف من جديد والعالم يكتفي بالمشاهدة، والدماء تسيل والأرواح تزهق والجراح تتعمق في جسد الأرض التي لم تعد تتحمل المزيد من المعاناة.
خلفية عن الأزمة
دارفور تلك البقعة المنكوبة التي لا تهدأ نيران الحرب فيها منذ سنوات، عادت لتشتعل من جديد في مشهد مأساوي يتكرر بلا نهاية، الهجمات الوحشية التي تستهدف المدنيين العزل تحصد الأرواح وتزيد من معاناة النازحين الذين فروا من جحيم الحرب ليجدوا أنفسهم في مواجهة الموت مرة أخرى.
قلق بالغ
أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن هجمات واسعة النطاق شهدتها مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، والتي طالت أيضا مخيم أبو شوك للنازحين حيث قتل ما لا يقل عن 40 مدنيا وجرح 19 آخرين في هجوم نسبته مصادر محلية إلى مقاتلين من قوات الدعم السريع.
ادانة الهجمات
وفي بيان صدر مساء امس الثلاثاء أدان القائم بأعمال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان شيلدون يت بشدة جميع الهجمات المتعمدة والعشوائية على المدنيين، مؤكدا أن جميع أطراف النزاع ملزمة بموجب القانون الدولي الإنساني بحماية المدنيين وأضاف أن تكرار هذه الجرائم يوميا هو مأساة بحد ذاتها.
عنف متصاعد
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى أن العنف المتصاعد في الفاشر ومحيطها أدى إلى إغلاق طرق الخروج من المدينة مما حاصر المدنيين وعزلهم عن الأمان والمساعدات، كما أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن انعدام الأمن دفع ما لا يقل عن 500 شخص للنزوح من أبو شوك إلى مواقع أخرى في شمال دارفور.
توفير ممر آمن
وجدد القائم بأعمال منسق الشؤون الإنسانية في السودان الدعوة إلى توفير ممر آمن فورا للراغبين في الفرار من الفاشر ومناطق القتال، كما طالب بوقف إطلاق النار للسماح بإدخال الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات المنقذة للحياة محذرا من أن المحاصرين يواجهون جوعا حادا.
ولم تقتصر المعاناة على دارفور فقط فقد أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة عن قلقه إزاء العنف في منطقة كردفان حيث فر أكثر من 3000 شخص من مدينة كادوقلي بسبب تفاقم انعدام الأمن، كما أن وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة لا يزال محدودا للغاية بسبب إغلاق الطرق الرئيسية جراء الأعمال العدائية النشطة.
الوفاء بالالتزامات
وأكد دوجاريك أن الشركاء في المجال الإنساني يطالبون مرة أخرى جميع أطراف النزاع بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وعدم استهداف المدنيين أو المنشآت المدنية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى كل من يحتاج إليها
الى متى؟
دارفور وكردفان وكافة مناطق السودان التي تعاني من ويلات الحرب تنتظر من العالم أن يتحرك من أجل إنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة لكن الصمت الدولي والصراعات السياسية تحول دون إنهاء هذه المأساة التي لا يعرف أحد متى ستنتهي.