في شبابي كنت في زيارة لأحد شيوخنا الاجلاء وحكيت عن البعض انهم يترخصون كثيرا في فتاواهم تيسيرا علي الناس ففاجأني قائلا وماذا في هذا أليست الرخص من الفقه فانصرفت من عنده وأنا أضرب كفا بكف مستغربا مقولته تلك مستحضرا مقولات وإجماعات – أو هكذا زعموا – تتهم أولئك المترخصين بكل نقيصة وانحراف ..
ومع المزيد من القراءة أدركت وياللمفاجأة ننى كنت مبالغا في ظني هذا فالقول بجواز الأخذ بالرخص قول منتشر عند الأحناف وكثير من الشافعية والمالكية إذ لايوجد من وجهة نظرهم في الدين ما يمنع الانسان من أن يسلك الأخف مادام له مسلك شرعي والرسول الكريم صلوات الله عليه ما خير بين أمرين الا واختار أيسرهما مالم يكم إثما أو قطيعة رحم وقد أكد أن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد الا غلبه وقد كذبوا دعوي الاجماع التي قال بها البعض وفسقوا متتبعي الرخص علي أساسها وربما تأولوا لمن قال بذلك من الحنابلة أنهم يقصدون من تتبعها غير متأول ولامقلد أو من وصل بترخصه الي صورة باطلة عند الأئمة كمن يأخذ بمذهب الاحناف في صحة الزواج بدون ولي ومذهب المالكية في صحته بدون شهود فيصحح الزواج بدون ولي ولا شهود وهو مالم يقل به أحد – يسمونه التلفيق- أما اتباع الرخص للتسهيل فليس عنهم مذموما
وقد نقل الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه في الاصول عن القارافي ” يجوز تتبع الرخص بشرط ألا يترتب عليه العمل بما هو باطل عند جميع من قلده ” وقال ابن الهمام في فتح القدير ” فتلك التشديدات إلزامات منهم لكف الناس عن تتبع الرخص إلا أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد يكون قوله أخف عليه ” ثم يضيف ردا علي ذلك ” وأنا لا أدري ما يمنع هذا من العقل والسمع وكون الانسان يتبع ما هو أخف علي نفسه من قول مجتهد مسوغ له الإجتهاد .. ما علمت من الشرع ذمه “
وينقل ابن حجر الهيثمي قول ابن عبد السلام ” للعامل أن يعمل برخص المذاهب وإنكاره جهل “
وهكذا أدركت أن العمل برخص المذاهب قول معتبر عند كثير من العلماء وليس من المقبول ذم من يقول به بعد ان قاله هذا الجمع من العلماء.