بينما تضرب موجة حر استثنائية مناطق واسعة من حوض البحر المتوسط، تتسع رقعة حرائق الغابات يومًا بعد يوم، حاملةً معها مشاهد من الدمار والتهجير القسري، في دول تمتد من سوريا شرقًا، إلى إسبانيا والبرتغال وألبانيا غربًا، مرورًا باليونان.
في سوريا، كان المشهد في محافظة حماة أشبه ببحر من اللهب يبتلع الأخضر واليابس. النيران، التي اندلعت في 13 أغسطس/آب 2025، امتدت بسرعة هائلة بفعل الرياح العاتية والتضاريس الوعرة، كما أكد الدفاع المدني السوري، الذي أشار إلى مشاركة الأهالي في جهود الإخماد رغم المخاطر. وعلى الأرض، كان رجال الإطفاء يعملون في ظروف مناخية قاسية، بينما يتصاعد الدخان الكثيف ليغطي السماء.
في الجهة الأخرى من المتوسط، شهدت اليونان عشرات الحرائق في غاباتها الكبيرة، وكان أخطرها ذلك الذي اقترب من مدينة باتراس، ثالث أكبر مدن البلاد. موجة الحر القاسية أجبرت آلاف السكان على مغادرة منازلهم، بينهم أطفال من مستشفى محلي ونزلاء دار رعاية للمسنين. المشهد هناك كان مزيجًا من الصدمة والنجاة، حيث شوهد بعض السكان يحملون حيواناتهم الأليفة وهم يفرون من مسار النيران.
أما في إسبانيا، فقد أُجبر أكثر من ستة آلاف شخص على ترك منازلهم في 26 منطقة، بعد أن حاصرتهم الحرائق التي اشتعلت على مدى أسبوعين من الحرارة القياسية. المستشفيات استقبلت سبعة مصابين بحروق، أربعة منهم في حالة حرجة، بينما فقد متطوع حياته أثناء محاولة إخماد النيران، وتوفي آخر متأثرًا بجراحه قرب مدريد. في شمال البلاد، تحولت صالات الألعاب الرياضية إلى ملاجئ مؤقتة للنازحين، في انتظار أن تخمد ألسنة اللهب.
البرتغال، التي تشترك مع إسبانيا في حدود جغرافية وحر من نفس الموجة، دفعت بأكثر من 2100 رجل إطفاء و20 طائرة لمواجهة خمسة حرائق كبرى، أخطرها في بلدية ترانكوسو بوسط البلاد. بعض القرى الجبلية غمرها الدخان الخانق، ما اضطر السلطات إلى إخلاء كبار السن بشكل عاجل.
وفي ألبانيا، استمرت العشرات من الحرائق في إنهاك فرق الطوارئ، إذ أجبرت موجة الحر الطويلة والجفاف الشديد السلطات على إعلان حالات إخلاء في عدة مناطق وسط وجنوب البلاد. إحدى الحوادث المأساوية وقعت حين لقي رجل ثمانيني مصرعه بعد أن اشتعلت النيران في حديقته، قبل أن تمتد إلى المنازل المجاورة، مسببة إصابة ثمانية أشخاص.
وبينما تتواصل جهود الإطفاء في سباق محموم مع الوقت، يبقى التهديد قائمًا بأن تتحول هذه الحرائق إلى كارثة بيئية وإنسانية أوسع، خاصة إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، وتواصلت الرياح في تغذية ألسنة اللهب، في صيف يوصف بالفعل بأنه من بين الأشد قسوة على منطقة المتوسط منذ عقود.