صدرت حديثًا عن دار منازل المجموعة القصصية الجديدة “العودة إلى الإسكندرية” للكاتب والروائي والباحث الأثري الدكتور حسين عبد البصير، الحائزة على جائزة باشراحيل للإبداع الثقافي، في عمل أدبي يجمع بين السرد المحكم واللغة المشرّبة بروح الشعر، ليصوغ للقارئ تجربة إنسانية وحضارية متفرّدة.
المجموعة تضم خمسة وثلاثين قصة، تتحرك أحداثها بين الواقع والخيال، الضوء والعتمة، المجهول والحنين، لتكشف هشاشتنا كبشر حين نظن أننا نعرف الطريق. من “فحيح الليل” حيث يتسلل الرعب في صمت، إلى “الشر ينتصر” حيث يتحدانا الضمير، ومن “زنزانة منال” الموجعة إلى “كهف روميل” المليء بالأسرار، ومن “قهوة دبور” الحافلة بالوجوه الغريبة إلى “القتل في القاهرة” حيث الحقيقة أخطر من الجريمة… تتقاطع مصائر البشر مع المدن، والذاكرة، والغياب.
وفي قلب المجموعة تتربّع القصة التي تحمل عنوان الكتاب “العودة إلى الإسكندرية”، حيث يعود رجل وامرأة بعد عقود إلى مدينة كانت بدايتهما، بحثًا عن بيت قديم وذكرى مدفونة وإجابة لسؤال لم يجرؤا على طرحه. وهناك، بين الأزقة والبحر والمعبد المهجور، يكتشفان أن بعض المدن لا تكبر، لكنها تنتظر.
المجموعة ليست مجرد حكايات قصيرة، بل هي محاولة لتسجيل ما لا يُروى، ورصد اللحظات التي تلامس الحدود الرقيقة بين الحلم والحقيقة، والحياة وما بعدها، لتقدّم للقارئ مزيجًا من الدهشة والرعب والعاطفة، وتترك أثرًا طويلًا حتى بعد إغلاق الصفحة الأخيرة.
والدكتور حسين عبد البصير هو كاتب وروائي وباحث وأكاديمي مصري، يشغل منصب مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، ويمتلك خلفية ثرية تجمع بين الأدب وعلم الآثار. تخرّج في كلية الآثار بجامعة القاهرة، وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية، وشارك في بعثات أثرية مصرية ودولية، وأسهم في الكشف عن العديد من المواقع الأثرية المهمة.
على المستوى الأدبي، صدر له عدد من الروايات والمجموعات القصصية التي تتناول التاريخ والحضارة المصرية القديمة بروح معاصرة، كما يكتب مقالات ودراسات تجمع بين السرد الإبداعي والبحث الأكاديمي. حصل على عدة جوائز تقديرية، ويُعرف بقدرته على المزج بين العمق المعرفي والحس الإنساني في أعماله.
بهذه المجموعة، يواصل عبد البصير رحلته في استكشاف المدن ككائنات حية، والأمكنة كذاكرة نابضة، والإنسان كمشروع دائم للدهشة والاكتشاف.