في أعقاب القمة الأمريكية الروسية في ألاسكا الجمعة الماضية، تداولت بعض التحليلات إمكانية وجود “صفقة خفية” بين واشنطن وموسكو، حيث تُمنح روسيا حرية يد أكبر في أوكرانيا (خاصة في دونيتسك ولوهانسك) مقابل تخليها عن دعم إيران في الملف النووي والعقوبات الدولية. فهل هناك أدلة تدعم هذه الفرضية؟
السياق السياسي للقمة
عُقدت القمة في لحظة توتر بين الطرفين، خاصة بعد اتهامات أمريكية سابقة لروسيا بالتدخل في الانتخابات والتوسع في أوكرانيا، ومن الناحية النظرية، قد تبحث موسكو عن تنازلات غربية في مناطق نفوذها (مثل أوكرانيا) مقابل تعاون في ملفات أخرى (مثل إيران أو أفغانستان).
ما الذي تغيّر بعد القمة؟
بالنسبة لأوكرانيا، تصاعدت الاشتباكات في دونيتسك ولوهانسك، دليل على موافقة أمريكية مسبقة، أما إيران، فقد أصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية تحذيراً شديد اللهجة للولايات المتحدة وإسرائيل، مشددة على أن أي مغامرة عسكرية جديدة ضد إيران ستقابل بردّ قوي وحاسم.
هل هناك تبادل مصالح؟
– الموقف الروسي: لم يظهر انسحاب واضح من دعم إيران، لكن الأولوية الروسية كانت لأوكرانيا. وبعض التقارير أشارت إلى أن موسكو استخدمت الملف الإيراني كـ”ورقة ضغط” لتحقيق مكاسب في مفاوضات أخرى.
– الموقف الأمريكي: لم تعلن واشنطن عن أي صفقة، لكنها ركزت على ان مباحثات القمة كانت بناءة ومفيدة للطرفين.
بينما تظل فرضية “صفقة ألاسكا” بين واشنطن وموسكو — التي يُزعم أنها تخلت فيها روسيا عن دعم إيران مقابل مكاسب في أوكرانيا — مجرد تكهنات حتى الآن، فإن التطورات السياسية والعسكرية القادمة قد تُجيب عن هذا السؤال بشكل حاسم.
فمن ناحية، إذا لاحظنا، تراجعًا روسيًا ملحوظًا عن دعم طهران في المفاوضات النووية أو رفع العقوبات، او تسريعًا غربيًا في الاعتراف بمناطق نفوذ روسية في أوكرانيا (مثل دونيتسك ولوهانسك) دون رد فعل قوي، أو تغييرًا مفاجئًا في الموقف الإيراني من التحالف مع روسيا والصين نحو مزيد من العزلة.، فسيكون ذلك إشارة قوية على وجود اتفاق خفي تمّ التفاوض عليه بعيدًا عن الأضواء.
أما إذا استمرّت موسكو في دعمها العسكري والسياسي لإيران، وواصلت طهران تعاونها الاستراتيجي مع المحور الروسي-الصيني، فستسقط الفرضية من تلقاء نفسها، ويكون تصاعد النزاع في أوكرانيا مجرد صراع جيوسياسي مستقل عن الملف الإيراني.
السيناريو الاكثر ترجيحا هو ان روسيا تلعب على الجانبين، تحاول كسب مزايا في اوكرانيا مع الحفاظ على تحالفها مع ايران،
لكن الضغوط الغربية المتصاعدة قد تضطرها للاختيار بين الحليفين.