محمد نعمان الدين الندوي
نعت الأنباء الواردة من مصر العزيزة الدكتور صابر عبد الدايم يونس – العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف، ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالقاهرة، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة – الذي وافاه الأجل المحتوم ليلة الاثنين ٢٤ صفر ١٤٤٧ھ = ١٨ من أغسطس – آب – ٢٠٢٥م ۔
رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.
إن وفاته ليست خسارة لمصر وحدها، بل خسارة للأوساط العلمية والأدبية والشعرية للأمة الإسلامية جمعاء .
لقد كان – رحمه الله – أستاذ الأجيال، وعميد الأدباء، وكبير الشعراء وصاحب المؤلفات القيمة في شتى الموضوعات العلمية والأدبية والشعرية ..
وفوق ذلك كله .. كان إنسانًا بمعنى الكلمة، فقد كان كنزًا إنسانيًّا نادر المثال، فما من صفة إنسانية إلا وقد أكرمه ربه بها، فلقد كان المغفور له مثلًا أعلى في السمو الخلقي والتواضع والنبل والأدب والمروءة والكرم والإنسانية .
ومن هنا .. فإن رحيله – رحمه الله – ليس خسارة للعلم والأدب والشعر فقط، بل خسارة للإنسانية أيضًا ..
رحمه الله، وسد الفراغ الهائل الذي حدث بموته، وما ذلك على الله بعزيز .
لقد تعرفت بالدكتور الراحل الكريم عن طريق أخي الفاضل الأديب الأريب الأستاذ محمد أرشد عبد الغفور الندوي – الطالب بالماجستير بالأزهر الشريف – ، وكان – رحمه الله – تكرم بتحرير مقدمة قيمة لكتابي : [ قطرات من القلم ] ، فكنت أرسلت إليه رسالة شكر على مقدمته الرائعة التي كانت زادت من قيمة الكتاب وثقةِ القراء بمؤلفه العجمي، ما كان مبعث فخر واعتزاز لكاتب السطور، ولعله لا يكون من غير المناسب أن أنشر – فيما يلي – الرسالة، التي تومىء إلى ما كنت أكن للفقيد الغالي من الحب والا حترام والتقدير ما يكن له جميع تلامذته والمستفيدين من إنتاجاته المتنوعة ، فإلى الرسالة :
*حضرة صاحب السعادة الأستاذ الكبير الدكتور/ صابر عبد الدايم يونس – حفظه الله ورعاه -*
*السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… وبعد !*
*فقد سعدت سعادة لا توصف باستلام المقدمة الضافية المشرفة، التي دبجها يراعكم لكتابي الذي أسميته : «قطرات من القلم» .*
*الحقيقة أني لعاجز كل العجز عن توفية الشكر حقه لسعادتكم، على هذه المكرمة التي تكرمتم بها عليّ.*
*إن كل كلمة بل كل حرف من المقدمة يشف عن الحب والإخلاص* *والتشجيع والإشادة بهذا المنتَج المتواضع الذي كتبه عجمي مغمور* .
*ولكنه الكرم العربي، ولكنه النبل* *العربي العريق، والتسامح المصري الذي لا يعرف إلا السمو والعلو والخير والبحث عن الخير ونشره والإشادة به، والتسامي عن كل ما تشم منه رائحة التثبيط أو تقليل الأهمية أو كسر الخاطر .*
*وتلك – والله – قمة لا يكاد يرتفع إليها إلا القليل الأقل من الناس*.
*سعادة الدكتور ! إن مقدمتكم – في حد ذاتها – دراسة أدبية وافية، تعلمت- منها الكثير والكثير* . . . *تعلمت منها طريقة معالجة المقال، وتحليل* *جوانبه المختلفة، وتجزئته إلى أجزاء، وغير ذلك من فوائد جمة.*
*والشيء الذي جعلني أعظم تأثرًا : إلقاؤكم نظرة فاحصة شمولية* *استيعابية على المقال، بحيث لم تفتكم كلمة فضلًا عن جملة أو سطر*.
*وتلك قمة الشعور بالمسؤولية التي* *تنقص – اليوم – الكثير من أهل العلم والأدب*.
*فقد تكلفتم بقراءة محتويات الكتاب حرفًا حرفًا رغم أعمالكم العلمية والأدبية الجليلة* *ومسؤولياتكم الكثيرة الجسام* .
*جزاكم الله خيرًا على تفضلكم بتفريغ جزء كبير من وقتكم الغالي لقراءة* *كتابي المتواضع وتحبير المقدمة الضافية له*.
*ثم ما قلتم عن تأثري بأساليب* *مشاهير الكتاب من أمثال الطنطاوي وأحمد أمين والزيات والرافعي* *صحيح مئة في المئة؛ فإنني مدمن لقراءة كتب هؤلاء الأدباء، وأقرأ لهم منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن، وأنا – والله – مدين لهم كثيرًا في كتاباتي* *المتواضعة، وأخص بالذكر منهم الطنطاوي والرافعي والزيات، رحمهم الله تعالى وجزاهم خيرًا عما قاموا به من الخدمة – بشتى أنواعها – للغة العربية*.
*وإن حبكم للندوة ورمزها الأجل مولانا سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله ليس بغريب، فقد اعترف بمكانة الندوة – منذ أولها – العرب الكرام، كما أحبوا شيخها الأكبر الندوي وقدروه تقديرًا لم يحظ به – غيره – من العجم.*
*فالعرب عرب .. لهم من السمات والشمائل والخصائص ما ليس لغيرهم، ولسبب ما اختارهم الله فبعث منهم آخر رسله، وجعلهم وزراءه وأصحابه، الذين تشربوا حبه، وائتسوا بأسوته، ونشروا دينه في كل مكان من العالم*.
*سيدي! لا أريد أن أطيل عليكم ضنًّا بوقتكم الثمين، وأختم رسالتي هذه مكررًا الشكر والتقدير لسعادتكم على المقدمة الغالية التي ستزيد كتابي ثقة وأهمية لدى القراء إن شاء الله تعالى*.
*بارك الله فيكم و أبقاكم ذخرًا وعمدة وسندًا للغة والأدب والبيان، ووفقنا للنهل من منهلكم العذب الفياض، ومتعكم دائمًا بالصحة و العافية و السلامة.*
*والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته*
*محبكم* :
*محمد نعمان الدين الندوي*
*ندوة العلماء، لكناؤ – الهند*.
*( ٢من جمادى الآخرة ١٤٤٤ھ = ٢٦ من كانون الأول- ديسمبر ٢٠٢٢م )*
هذا . وكنت تلقيت من الدكتور الفقيد الغالي الجواب التالي :
*شكرًا وتقديرًا أخي الأديب العالم الأريب الشيخ محمد نعمان الدين الندوي، هذه وثيقة أدبية أعتز بها وانتم أهل لكل تقدير
محمد نعمان الدين الندوي
تحريرًا : ٢٤ من صفر ١٤٤٧ھ = ١٨ من أغسطس – آب – ٢٠٢٥م .