تشهد سوق السيارات في مصر موجة من التراجعات السعرية غير المسبوقة، شملت السيارات المحلية والمستوردة والمستعملة، وسط توقعات بمزيد من الانخفاضات حتى نهاية العام.
وتأتي هذه التطورات مدفوعة بالمنافسة المتزايدة بين مصانع التجميع والعلامات الصينية الجديدة، إلى جانب استقرار سعر الصرف، ما انعكس بشكل مباشر على حركة المبيعات وخلق حالة من إعادة التوازن داخل السوق.
وانخفضت أسعار السيارات في السوق المصري بنسب تراوحت بين 10 و20%، سواء للسيارات الجديدة أو المستعملة، وفقًا لتقرير أعده الاتحاد العام للغرف التجارية واستعرضه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ضمن مبادرة خفض الأسعار التي تم إطلاقها مؤخرًا لتخفيف الأعباء عن المواطنين. وتضمن التقرير أيضًا إتاحة برامج تمويل طويلة الأجل بدون مقدم، بما يسهم في توسيع قاعدة المستفيدين وتنشيط حركة المبيعات، بحسب بيان رسمي.
وقال الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، خالد سعد، إن أسعار السيارات شهدت تراجعًا ملحوظًا في العديد من الفئات، خاصة المجمعة محليًا، التي طُرحت في السوق بأسعار تتناسب مع قدرات المستهلك، وهو ما ضغط بدوره على أسعار السيارات المستوردة وأجبر الوكلاء على خفضها، كذلك استقرار العملة وانخفاض سعر الصرف كان لهما دور كبير في خفض الأسعار.
وأضاف سعد، في تصريحات نقلتها شبكة CNN ، إلى أن ما يقرب من 70% من المستهلكين في مصر يفضلون السيارات الاقتصادية التي تقل قيمتها عن مليون جنيه (20.6 الف دولار)، موضحًا أن السيارات المنتجة محليًا استطاعت تلبية هذا الطلب، لافتًا أن الإقبال على هذه الفئة زاد بشكل لافت، خاصة مع توفير برامج تمويل مصرفي تغطي أحيانًا أكثر من 80% من قيمة السيارة.
وتواصل الحكومة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات، التي تتضمن حزمة من الحوافز الاستثمارية والضريبية، بهدف جذب الشركات العالمية لتأسيس مصانعها في مصر، وزيادة نسبة المكون المحلي في الإنتاج.
وأوضح سعد أن القيود المفروضة على الاستيراد، مع الأسعار المبالغة لبعض الطرازات المستوردة، دفعت المستهلكين إلى الاتجاه نحو السيارات الصينية المجمعة محليًا وكذلك السيارات المستعملة.
وأضاف أن الاستيراد الشخصي أصبح متاحًا، فيما ما زال الاستيراد التجاري مرتبطًا باشتراطات يحصل عليها من يلتزم بها من الشركات، مشيرًا إلى أن الدولة تركز على دعم صناعة التجميع المحلي للسيارات في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد، الأمر الذي أسهم في تقليل الضغط على الدولار واستقرار السوق.
وأكد أمين رابطة مصنعي السيارات أن تراجع الأسعار أحدث طفرة في المبيعات خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، مشيرًا إلى أن المبيعات ارتفعت بنسبة 80%، بعدما شهد السوق العام الماضي أزمة حادة وتراجعًا كبيرًا في حجم المبيعات.
ووقعت الحكومة المصرية منذ بداية العام عدة اتفاقيات مع شركات عالمية لإنشاء مصانع جديدة أو استغلال خطوط إنتاج قائمة لتصنيع وتجميع السيارات محليًا، بعضها دخل مراحل الإنتاج وأخرى ما زالت تحت الإنشاء.
وتشمل هذه المشروعات مصنع “بروتون ساجا” في العين السخنة بطاقة إنتاجية 40 ألف سيارة وبنسبة مكوّن محلي 48%، ومصنع “إم جي” بطاقة 50 ألف سيارة بنسبة مكوّن محلي 45%. إلى جانب مصنع الشركة المصرية الألمانية للسيارات (إجا) الذي يستهدف إنتاج 1200 سيارة “مرسيدس” و3000 سيارة “إكسيد” سنويًا، فضلًا عن مصنع “جيلي” بطاقة 10 آلاف سيارة بنسبة مكوّن محلي 45%، وذلك وفق بيانات صحفية.
كما أبرمت مجموعة “سايلون” الصينية اتفاقية مع شركة “تيدا مصر” لإنشاء مصنع إطارات داخل منطقة العين السخنة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات تصل إلى مليار دولار على مساحة 350 ألف متر مربع، وينفذ المشروع على ثلاث مراحل بالشراكة مع الحكومة المصرية، بطاقة إنتاجية مستهدفة تبلغ 10 ملايين إطار سنويًا لتغطية احتياجات السوق المحلية والتصدير، ضمن خطة توطين صناعة السيارات.
وقال أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، إن سوق السيارات في مصر تشهد تراجعًا ملحوظًا في الأسعار، سواء للسيارات المحلية أو المستوردة، مدفوعًا بمنافسة قوية بين مصانع للتجميع وعدد كبير من التوكيلات والعلامات الصينية الجديدة.
وأوضح أبو المجد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هذه المنافسة أسهمت في خفض أسعار السيارات الجديدة والمحلية والمستوردة، متوقعًا أن تصل نسبة التراجع إلى 30% مع نهاية العام الجاري.
وأشار أبو المجد إلى أن السيارات المستعملة انخفضت هي الأخرى بأكثر من 25% خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن السوق يشهد حالة من إعادة التوازن بعد موجة الارتفاعات غير المسبوقة التي شهدها العام الماضي.
وأشار أبو المجد أن الشريحة السعرية التي تبدأ من مليون جنيه، أي ما يعادل نحو 20.6 ألف دولار، وحتى مليون ونصف جنيه، أي ما يقارب 30.9 ألف دولار، تعد الأنسب للشراء في الوقت الحالي.
وأضاف أبو المجد أنه بالنسبة للفئة الأعلى، التي تتراوح بين مليون ونصف (30.9 ألف دولار) وثلاثة ملايين جنيه (61.8 ألف دولار)، يفضل التريث قبل الإقبال عليها، إذ من المرجح أن تشهد السوق دخول طرازات جديدة وزيادة حدة المنافسة خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يفتح الباب أمام تخفيضات إضافية.
وقال رئيس رابطة تجار السيارات إن هناك خطة استراتيجية لتوطين صناعة السيارات في مصر ، مُعتبرًا أن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن دفعت العديد من الشركات الصينية ضخ استثمارات وانشاء مصانع للتجميع و لتصنيع في مصر، بما يعزز الصناعة المحلية ويقلل الاعتماد على الاستيراد.