صادق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على خطة عسكرية شاملة تحمل اسم “عربات جدعون الثانية”، تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على مدينة غزة، كجزء من استراتيجية أوسع للسيطرة على قطاع غزة. هذه الخطة تأتي استكمالًا لعملية “عربات جدعون” التي بدأت في مايو 2025، والتي زُعم أنها سيطرت على حوالي 75% من القطاع.
بدأت عملية “عربات جدعون” الأولى في 17 مايو 2025، بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في غزة، عبر استهداف البنية التحتية لحركة حماس، تحرير الرهائن الإسرائيليين، ونزع السلاح من القطاع. رغم الإعلان عن سيطرة الجيش الإسرائيلي على جزء كبير من القطاع، فقد واجهت العملية انتقادات داخلية ودولية بسبب فشلها في تحقيق أهدافها بشكل كامل، مع استمرار قدرات حماس العسكرية وتكثيف أعمال المقاومة.
خطة “عربات جدعون الثانية” تأتي كمحاولة لاستكمال الأهداف غير المحققة، مع تركيز خاص على مدينة غزة، التي تُعد المركز الحضري الأكبر في القطاع وأحد معاقل حماس الرئيسية. الخطة تمت مناقشتها من قبل رئيس الأركان إيال زامير وكبار المسؤولين العسكريين، وصادق عليها المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت).
خطة “عربات جدعون الثانية”
وفقًا لتصريحات يسرائيل كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تهدف الخطة إلى تحقيق الأهداف التالية:
نزع سلاح حماس: تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس، بما في ذلك تدمير الأنفاق والمواقع العسكرية.
تحرير الرهائن: استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، رغم أن بعض المصادر تشير إلى أن هذا الهدف قد يكون ثانويًا مقارنة بالأهداف العسكرية.
نزع السلاح من غزة: إزالة جميع الأسلحة من القطاع لضمان عدم تشكيل تهديد مستقبلي.
فرض سيطرة أمنية إسرائيلية: إقامة سيطرة عسكرية كاملة على غزة لمنع عودة أي تنظيمات مسلحة.
إنشاء إدارة مدنية بديلة: إقامة نموذج حكم مدني لا يشمل حماس أو السلطة الفلسطينية، مع إدارة إسرائيلية مباشرة أو عبر وكلاء محليين.
وفقًا لتقارير إعلامية، تتضمن الخطة أربع مراحل رئيسية:
إقامة مراكز تجميع إنسانية: إنشاء مجمعات سكنية مؤقتة في جنوب القطاع، مزودة بالخيام، المياه، العيادات، والمساعدات الغذائية، لاستيعاب النازحين من مدينة غزة.
إخلاء مدينة غزة: نقل حوالي 1.1 مليون نسمة من سكان المدينة إلى الجنوب خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى شهرين، عبر محور طريق البحر، مع استخدام أدوات دعائية باللغة العربية بقيادة المتحدث باسم الجيش أفيحاي أدرعي لتشجيع “الإجلاء الطوعي”.
تطويق المدينة والتوغل البري: عزل مدينة غزة عن باقي القطاع، مع إعادة بناء محور نتساريم لفصل الشمال عن الجنوب، يتبعه توغل بري باستخدام قوات كبيرة تشمل 80 إلى 130 ألف جندي احتياط.
تدمير البنية التحتية لحماس: تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة لتدمير الأنفاق، التحصينات، والبنية التحتية العسكرية، مع التركيز على حي الزيتون وجباليا.
تعبئة القوات: تم استدعاء 60 ألف جندي احتياط، مع خطط لزيادة العدد إلى 130 ألفًا في ذروة العمليات، إضافة إلى تمديد خدمة 20 ألف جندي آخرين لمدة 40 يومًا.
التجهيزات اللوجستية: إنشاء مستشفيين ميدانيين إضافيين، وتوسيع شبكة مراكز توزيع المساعدات الإنسانية من 4 إلى 8 مراكز، مع خطط طويلة الأمد للوصول إلى 16 مركزًا.
التنسيق العسكري: تنفيذ عمليات مشتركة بين القوات البرية، الجوية، والبحرية، مع استخدام معدات ثقيلة ووحدات هندسة قتالية متخصصة.
ردود الفعل
دعم الحكومة: أكد نتنياهو وكاتس أن الخطة حاسمة لأمن إسرائيل، مشددين على أنها ستغير ملامح غزة بشكل دائم.
انتقادات داخلية: وصف رئيس الوزراء السابق إيهود باراك الخطة بـ”فخ مميت”، محذرًا من مخاطرها على الجنود والرهائن. كما عبر رئيس الأركان إيال زامير عن تحفظات، مشيرًا إلى استنزاف القوات وتعقيدات السيطرة طويلة الأمد. المراسل العسكري أور هيلر وصف العملية بأنها “عالقة”، مشيرًا إلى فشل العملية الأولى في تحقيق أهدافها.
احتجاجات شعبية: شهدت تل أبيب مظاهرات تطالب بإنهاء الحرب والتركيز على إطلاق سراح الرهائن بدلاً من التصعيد العسكري.
حماس: حذرت من “مقاومة شرسة”، واعتبرت الخطة جريمة حرب تهدف إلى تهجير السكان وتدمير القطاع. أكدت أنها لن تتخلى عن سلاحها إلا بإقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال.
السلطة الفلسطينية: دانت الخطة، معتبرة أنها تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للقطاع وإدامة الاحتلال.
الأمم المتحدة: حذرت من “تصعيد خطير” قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، داعية إلى وقف الخطة فورًا.
دول عربية: مصر وتركيا طالبتا بوقف العمليات العسكرية، محذرتين من تفاقم الأزمة الإنسانية وتهديد الاستقرار الإقليمي.
روسيا والصين: أدانتا الخطة، معتبرتين أنها تنتهك القانون الدولي وتعرقل جهود السلام.
الولايات المتحدة: أعربت عن قلقها بشأن المخاطر التي تهدد الرهائن، وطالبت إسرائيل بتقديم خطة إجلاء واضحة للمدنيين قبل بدء العمليات.
التحديات والتداعيات المحتملة
مقاومة حماس: توقع الجيش الإسرائيلي مقاومة شرسة من حماس، خاصة مع إعادة إعمار مواقعها الدفاعية وشبكة الأنفاق.
إرهاق القوات: بعد عامين من القتال المستمر، يعاني الجنود الإسرائيليون من الإرهاق، مما قد يؤثر على كفاءة العمليات.
مخاطر الرهائن: وجود رهائن داخل مدينة غزة يعقد العمليات العسكرية، مع مخاطر تعريض حياتهم للخطر.
تهجير جماعي: نقل 1.1 مليون نسمة في فترة قصيرة يواجه تحديات لوجستية كبيرة، خاصة مع نقص الوقود ومحدودية طرق النزوح.
أزمة إنسانية: حذرت الأمم المتحدة من تفاقم أزمة المجاعة ونقص الخدمات الأساسية، مما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.
تغيير ديموغرافي: اتهم خبراء الخطة بمحاولة إعادة رسم الخارطة الديموغرافية للقطاع، مما ينتهك القانون الدولي.
فقدان الشرعية الدولية: الخطة قد تعزز عزلة إسرائيل دوليًا، خاصة مع تزايد الانتقادات من المجتمع الدولي.
تصعيد الصراع: يحذر محللون من أن الخطة قد تدفع حماس إلى اعتماد حرب عصابات أكثر مرونة، مما يطيل أمد الصراع.
تأثير على المفاوضات: رغم جهود الوسطاء للتوصل إلى هدنة، فإن التصعيد العسكري قد يعرقل المحادثات المتعلقة بتبادل الأسرى.
تُعد خطة “عربات جدعون الثانية” مشروعًا سياسيًا وعسكريًا طموحًا، لكنه محفوف بالمخاطر. على الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي، فإن التحديات المرتبطة بالمقاومة المسلحة، الأوضاع الإنسانية، والضغوط الدولية قد تجعل تحقيق الأهداف صعبًا. الخطة تعكس استراتيجية إسرائيلية لإعادة صياغة السيطرة على غزة، لكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، مثل تعزيز مقاومة حماس أو إطالة أمد الصراع. كما أن التركيز على السيطرة العسكرية على حساب تحرير الرهائن أثار انتقادات داخلية، مما يكشف عن انقسامات في القيادة الإسرائيلية.
خطة “عربات جدعون الثانية” تمثل تصعيدًا عسكريًا كبيرًا في قطاع غزة، مع أهداف طموحة تشمل نزع سلاح حماس وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية. ومع ذلك، فإن التحديات العسكرية، الإنسانية، والسياسية تجعل نجاح الخطة غير مضمون. الانتقادات الداخلية والدولية، إلى جانب مقاومة حماس المتوقعة، قد تحول الخطة إلى فخ استراتيجي، كما وصفه بعض المحللين. يُنصح بمتابعة التطورات عن كثب والتحقق من المعلومات من مصادر متعددة لفهم السياق الكامل لهذه العملية.
