كتاب الزكاة الضمان الاجتماعي الإسلامي* “؛ للمستشار ” *عثمان حسين عبد الله* ” نائب رئيس محكمة النقض المصرية –سابقاً-، يقع الكتاب في ٢٧٩ صفحة من القطع الكبير.
*تحاول هذه الدراسة* إلقاء الضوء على المعالم الرئيسية لنظام الزكاة، بوصفها أهم أنظمة التكافل الإسلامي، مع الإشارة لأهم مبادئها، وأسس تمويلها، والمنافع والخدمات التي تكفلها، *وتقارن الدراسة* بين نظام الزكاة وبين الأنظمة الحالية للتأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي، وبحث علاقتها بالضرائب، مع تنظيم إدارة شؤونها مستقلة عن الإدارات الحكومية وعن الميزانية العامة للدولة، *كما تحاول الدراسة* أن تقدم تقنين أحكام الزكاة في شكل مشروع قانون يشير إلى عديد من اللوائح.
*هذا وقد تناولت الدراسة وجوب إصدار قانون بشأن الزكاة*، ذلك لأن الزكاة ركن للدين وفريضة دائمة، ولأن الحاجة ماسة إلى تشريع الزكاة، ومواجهتها من مسؤوليات الدولة، التي لا سبيل إلى التخلي عنها أو إغفالها أو تركها لاختيار الأفراد، *وأن على الدولة أن تخصص لذلك جهازاً عاماً أو مؤسسة عامة “* *بيت مال الزكاة* “.
فالقيام على شؤون الزكاة مسؤولية الدولة ولا يكفي أن نقول للناس أدوا زكاة أموالكم، فالإسلام لم يقتصر على فرض الزكاة وإيجابها على المسلمين، في كل زمان ومكان، بل أقام الدولة حارساً على أحكامها، وناط بها المسؤولية عن إخراج أصحاب الأموال لزكاة أموالهم، وعن صرف حصيلة الزكاة في مصارفها الشرعية.
*ويوضح الكاتب* أن إصدار قانون للزكاة تقوم الدولة على تنفيذه، ينبغي أن يكون بمثابة دعوة إلى المنهج الإسلامي الشامل المتكامل، ليأخذ مكانه الحق، الذي كان له من قبل في مجتمع المسلمين… المنهج الإسلامي بعقائده وشرائعه وآدابه وقيمه، وبأساليبه الأخلاقية في التنفيذ والإدارة، وفي السلوك والمعاملة، وليؤدي هذا المنهج دوره الفعال العادل، والخير السمح في إصلاح شؤون العباد والبلاد.
*ويوجه الكاتب الأنظار إلى* أن الزكاة نظام إسلامي، شامل أصيل، وفريد متميز، يحوز بجذوره الدينية وبأحكامه الرائدة، قصب السبق على أنظمة التكافل والتأمين الاجتماعي المعاصرة جميعاً، ويقيم نظام العدل في المجتمع، ويناصر المعوزين، دون حرج على الدولة، ولا إرهاق للأغنياء، ولا إخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين.
*وفي هذا الصدد ينقل الكاتب عن الدكتور عبد العزيز حجازي أستاذ الاقتصاد ورئيس وزراء مصر الأسبق قوله:*”إن العدالة الاجتماعية في الإسلام تتحقق من خلال فريضة الزكاة، ولقد أثبتت الدراسات الأكاديمية التي تمت حتى الآن أن حصيلة الزكاة لو فرضت في مصر لزادت عما تحصله الدولة من ضرائب، ولهذا تقوم الفلسفة الإسلامية على أساس أن الأغنياء يجب أن يتحملوا أعباء نشاطاتهم بالكامل، وأن يساهموا من خلال الزكاة وغيرها من المساهمات في سد حاجة الفقراء والمساكين”.
*وفيما يتعلق بالضرائب يبين الكاتب المستشار* أن الضرائب أهدافها مادية بحتة، وأنها فرائض مالية بحتة، تفرضها الدولة عند الحاجة، بقصد مواجهة مصروفاتها العامة وموازنة ميزانيتها، وليست لها صفة العبادة، وليس لها طابع ديني أو روحي، وليست لها صفة الدوام والثبات بل تملك الدولة ألا تفرضها، وإذا فرضتها تملك أن تعدل في أحكامها أو فئاتها أو أن تلغيها بقانون كما سبق أن فرضتها بقانون، وتعدل وعاءها كما سبق أن حددته. وأن الزكاة والضريبة وإن كانت كلتاهما فريضة مالية، إلا أن إحداهما تختلف عن الأخرى في طبيعتها وأهدافها، وفي مصدر تشريعها وأساس إيجابها، وفي مقاديرها ووعائها ومصارفها؛ ومن ثم فإن الضرائب لا تغني عن الزكاة ولا تعفي من أدائها.
كما أوضحت الدراسة أنه في ظل غياب تشريع الزكاة الملزم، سوف تظل المجتمعات العربية والإسلامية تعاني ما تعانيه من الفقر والعجز والمرض والحرمان، ومن التناقض الصارخ بين الترف والغنى الفاحش في ناحية، وبين الجوع وأمراض نقص التغذية وباقي الأمراض المصاحبة في ناحية أخرى.
*ويدرج المؤلف المستشار نائب رئيس محكمة النقض عبارة غاية في الأهمية* توصف الواقع الذي نحياه وذلك بقوله: *”إذا كان الرأي يتجه إلى التدرج في تطبيق الشريعة؛ فإن التدرج يقتضي- فيما نرى- أن تكون الأولوية (إلى جانب الحرية والشورى الإسلامية) لتشريع الزكاة، فذلك تشريع لا يحتمل التأخير أو الإرجاء، إذ هو تنظيم لسد الحاجات الضرورية للمحتاجين وحفظ كرامتهم الإنسانية، على النحو الذي أمر به الله ورسوله، والذي حرص عليه الدستور، إذ أوجب أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، فالمقتضى قد قام لتقنين الزكاة من أحكام الشرع، وضرورات الواقع، ونصوص الدستور”.*