في حادثة غير مألوفة أثارت الذعر، شهدت محافظة تاليابو صباح اليوم الأربعاء واقعة صادمة بعدما ظهر تمساح ضخم بطول 10 أقدام داخل أحد المتاجر الكبرى.
حالة طوارئ داخل متجر
وبينما كان المتسوقون يمارسون حياتهم الاعتيادية، فوجئوا بالزاحف العملاق يتجول بين الممرات، الأمر الذي تسبب في فوضى عارمة وهروب جماعي نحو المخارج.
ووفقًا لما نقلته مجلة People الأمريكية، فقد تمكن رجال الإطفاء من التدخل سريعًا واحتواء الموقف قبل أن يتعرض أي شخص لإصابة، حيث جرى الإمساك بالتمساح وإعادته إلى موطنه الطبيعي.
ظاهرة مقلقة: أرقام صادمة
لم تعد مثل هذه الحوادث نادرة في إندونيسيا؛ بل باتت تشكّل ظاهرة متنامية تقلق السلطات والسكان على حد سواء.
وكالة أسوشيتد برس (AP) أشارت إلى تسجيل 179 هجومًا للتماسيح خلال عام 2024، أسفر عن 92 وفاة، وهي النسبة الأعلى عالميًا.
أما هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC News) فقد قدرت العدد السنوي للهجمات بحوالي 150 حادثة، أودت بحياة 85 شخصًا في المتوسط.
وبحسب Channel News Asia، فقد شهد العقد الأخير أكثر من 1000 هجوم في أنحاء البلاد، أسفر عن 486 وفاة موثقة.
هذه الأرقام تكشف حجم التهديد المتصاعد، وتجعل من التماسيح أحد أبرز مصادر الخطر في مناطق شرق وجنوب شرق إندونيسيا.
حوادث دامية
الحوادث التي تسجلها وسائل الإعلام ليست مجرد أرقام، بل قصص مأساوية تهز المجتمعات المحلية:
في جنوب سولاوسي، هاجم تمساح رجلاً يُدعى أريفودين وسحبه إلى النهر أمام أنظار أسرته، بحسب People.
في سومطرة – لامبونغ، تعرض رجل مسن في الثمانين لهجوم قاتل من تمساح ضخم أثناء استحمامه في النهر، وفق ما نشرته News.com.au.
أما في بانغكا بليتونغ، فقد ذكرت صحيفة The Sun البريطانية أن طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات فقدت حياتها بعد أن باغتها تمساح بالقرب من منزلها.
الأسباب: لماذا تتكرر المواجهات؟
يرى الخبراء أن هذه المواجهات ليست مجرد صدفة، بل نتيجة تحولات بيئية واقتصادية كبرى:
1. التعدين غير القانوني، خصوصًا لاستخراج القصدير، غيّر من مجاري الأنهار وأجبر التماسيح على الاقتراب من المناطق السكنية.
2. زراعة زيت النخيل التي اجتاحت مساحات شاسعة من الغابات والأنهار، دمّرت المواطن الطبيعية للحيوانات ودَفعتها للاحتكاك بالبشر.
3. النمو السكاني السريع الذي يدفع الناس للاستيطان قرب البحيرات والمسطحات المائية، وهي بيئة مثالية للتماسيح.
جهود السلطات والتأمين
رغم خطورة الوضع، تبذل السلطات الإندونيسية جهودًا حثيثة للتقليل من هذه المخاطر:
نشر لافتات تحذيرية واضحة قرب الأنهار والبحيرات المعروفة بوجود التماسيح.
تشكيل فرق خاصة للإنقاذ والاستجابة السريعة لإعادة التماسيح إلى بيئاتها الطبيعية.
إطلاق حملات توعية لتثقيف السكان بعدم الاقتراب من المياه في أوقات معينة أو محاولة الإمساك بالتماسيح.
التنسيق مع خبراء البيئة لتحديد أماكن تجمع هذه الحيوانات وتحذير السكان مسبقًا.
إن حادثة اليوم الأربعاء في تاليابو، والتي انتهت بسلام بعد السيطرة على تمساح ضخم داخل سوبرماركت، تُعيد إلى الواجهة النقاش المتزايد حول العلاقة المعقدة بين الإنسان والطبيعة في إندونيسيا.
فبينما تسعى البلاد لدعم اقتصادها عبر التعدين والزراعة، يبدو أن الثمن هو احتكاك متصاعد مع كائنات مفترسة كانت حتى وقت قريب معزولة في بيئاتها الطبيعية.
ويبقى التحدي الأكبر أمام السلطات: كيف يمكن تحقيق التوازن بين حماية البشر والحفاظ على التنوع البيئي؟