رغم إعلان إسرائيل قبل أسابيع عن رفع القيود المفروضة على دخول مواد الإيواء إلى قطاع غزة، إلا أن الواقع على الأرض يشي بعكس ذلك. آلاف العائلات الفلسطينية لا تزال تقيم في خيام مهترئة أو تحت أنقاض منازلها المدمرة منذ نحو عامين من الحرب، وسط حرارة الصيف وانعدام المرافق الأساسية.
نازحون في خيام ممزقة ينتظرون الإغاثة
إبراهيم طباسي، وهو أب لأسرة نازحة في خان يونس، يقول: “الحياة في الخيمة ليست حياة على الإطلاق… نجلس في الشارع لأن الخيمة ضيقة وممزقة،
ولا يوجد مكان لائق أو حتى حمام مناسب”. أما سناء أبو جاموس فتؤكد أنها ما زالت تعيش داخل خيمة بالية منذ الأشهر الأولى للحرب، دون أي بديل أو تحسين.
منظمات إنسانية عاجزة عن إيصال المساعدات
منظمات الإغاثة الدولية، بما فيها وكالات تابعة للأمم المتحدة، أوضحت أنها لم تتمكن من إدخال أي من مواد الإيواء الموعودة، محمّلة إسرائيل مسؤولية فرض عراقيل بيروقراطية على رأسها التخليص الجمركي والإجراءات الأمنية المعقدة.
منظمة كير الدولية، وشيلتر بوكس، والمجلس النرويجي للاجئين أعلنوا أنهم لم يحصلوا على تصاريح رغم تقدمهم بطلبات متكررة.
حتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي حصلت على إذن مبدئي عبر الممر الأردني إلى معبر كرم أبو سالم، أشارت إلى أن العملية لا تزال تواجه تحديات جسيمة.
الأمم المتحدة قدّرت أن أكثر من 1.3 مليون فلسطيني يفتقرون إلى خيام مناسبة، مع توقعات بموجة نزوح إضافية نتيجة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة.
اتهامات دولية لإسرائيل بـ “تسليح المساعدات”
الخارجية الإنسانية لم تقف مكتوفة الأيدي. أكثر من 100 منظمة حقوقية وإغاثية أصدرت بيانًا مشتركًا اتهمت فيه إسرائيل بـ “تسليح المساعدات” واستخدامها كأداة ضغط، وطالبت بوقف جميع القيود الإدارية التي تعرقل عملها.
منظمة أطباء بلا حدود وصفت ما يجري بأنه “مذبحة منظمة”، فيما حذرت هيومن رايتس ووتش من أن منع دخول المساعدات الأساسية قد يرقى إلى جريمة حرب.
ردود فعل أوروبية ودولية
الاتحاد الأوروبي، إلى جانب كندا وبريطانيا وفرنسا، أعرب عن قلقه البالغ من استمرار الحصار، داعيًا إلى تسهيل دخول المساعدات بشكل عاجل.
أما إسرائيل، ممثلة في وكالة “منسق أعمال الحكومة في المناطق”، فقد نفت تقييد الإمدادات، مؤكدة أنها تبذل “جهودًا كبيرة لضمان وصول المساعدات إلى سكان غزة”.
مأساة مفتوحة على المجهول
وبين هذه المواقف المتباينة، يبقى الواقع الإنساني في غزة هو الأشد وضوحًا: عائلات بأكملها تعيش في العراء، أطفال ونساء بلا مأوى لائق، وانتظار مرير لمساعدات لا تصل.
وفي ظل استمرار العقبات الإدارية والعمليات العسكرية، يظل شبح الوفيات والإصابات قائمًا، لتتحول قضية الإيواء إلى واحدة من أبرز وجوه المأساة الإنسانية المستمرة في القطاع.