رغم غياب أي مواجهات عسكرية جديدة في كشمير خلال الساعات الماضية، يظل المشهد هناك محكومًا بالقلق. المنطقة التي شكّلت لعقود ساحة نزاع بين الهند وباكستان، تشهد اليوم حالة من الهدوء العسكري النسبي.
هدوء ميداني لكن التوتر يطغى
بينما تنصبّ الأنظار على الكوارث الطبيعية التي أودت بحياة العشرات في كشمير الباكستانية ضمن حصيلة وطنية ثقيلة تجاوزت 700 وفاة في عموم باكستان بسبب الأمطار الغزيرة والانفجارات السحابية.
خلفية تاريخية: جرح مفتوح منذ 1947
يعود النزاع حول كشمير إلى تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حين انقسمت إلى الهند وباكستان، وتحوّل الإقليم الجبلي إلى موضع نزاع مسلح. اندلعت ثلاث حروب كبرى بين البلدين (1947، 1965، و1971).
إضافة إلى مواجهات حدودية متكررة أبرزها حرب “كارغيل” عام 1999. ومنذ ذلك الحين ظل الإقليم بؤرة توتر دائمة، حيث تطالب باكستان بمنح الكشميريين حق تقرير المصير، بينما تعتبره الهند جزءًا لا يتجزأ من سيادتها.
تصعيد 2025: ذاكرة قريبة لا تغيب
في ربيع 2025، بلغت التوترات ذروتها خلال ما عُرف بـ “عملية سيندور”، حين تبادلت نيودلهي وإسلام آباد الضربات الصاروخية، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين وإغلاق المجال الجوي مؤقتًا.
حينها، حذّر المجتمع الدولي من انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع قد تهدد الاستقرار الإقليمي.
المواقف الدولية: دعوات للحوار وخفض التصعيد
مجموعة السبع (G7) دعت في بيان رسمي إلى خفض التصعيد الفوري وفتح قنوات حوار مباشرة بين الهند وباكستان لتفادي أي انهيار أمني في جنوب آسيا.
الهند أطلقت حملة دبلوماسية واسعة لتأكيد أن عملياتها العسكرية كانت “دفاعية ضد الإرهاب”، في محاولة لإقناع العواصم الغربية بدعم موقفها (المصدر).
باكستان من جانبها وصفت تلك الضربات بأنها “عدوان سافر”، وأكد رئيس وزرائها أن بلاده سترد على “كل قطرة دم أريقت”، داعيًا المجتمع الدولي للتدخل
سلام مستحيل أم فرصة ضائعة؟
يرى محللون سياسيون أن الهدوء الراهن في كشمير هش للغاية ويمكن أن ينهار في أي لحظة، إذ يكفي حادث حدودي محدود لإشعال مواجهة جديدة.
ويضيف خبراء أمنيون أن التغير المناخي وما يسببه من كوارث طبيعية، مثل الفيضانات والانفجارات السحابية، يزيد الوضع سوءًا عبر مضاعفة معاناة المدنيين في إقليم يعيش أصلًا تحت وطأة النزاع.
بعض الباحثين في شؤون جنوب آسيا يعتقدون أن المجتمع الدولي لم يعد قادرًا على الاكتفاء بدور المتفرج، محذرين من أن أي مواجهة كبرى بين الهند وباكستان، وهما دولتان نوويتان، ستتجاوز آثارها حدود الإقليم إلى تهديد الأمن العالمي.
في النهاية يبقى إقليم كشمير محاصرًا بين الكوارث الطبيعية التي تحصد أرواح المدنيين، والاضطرابات السياسية والعسكرية التي تهدد استقراره.
ورغم غياب المواجهات المباشرة في الساعات الأخيرة، فإن المنطقة لا تزال تعيش على برميل بارود، وسط دعوات دولية متكررة لفتح حوار جاد لم يتحقق حتى الآن.