تتكثف تحركات النظام الإيراني لإعادة ترميم قواته الوكيلة في العراق ولبنان واليمن، عبر زيارات علي لاريجاني واتفاقيات سرية ومحاولات لإنقاذ حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين.
غير أنّ هذه الجهود تأتي في وقت يواجه فيه النظام أزمات غير مسبوقة داخلياً وخارجياً: تفاقم الانتفاضات الشعبية، الانهيار الاقتصادي، تصاعد القمع والإعدامات، إضافة إلى تهديد أوروبي جدي بإعادة الملف النووي إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية “الزناد”.
وعلى الصعيد الإقليمي، يتراجع نفوذ طهران بشكل واضح. ففي العراق، لم يعد الحشد الشعبي قادراً على ضمان السيطرة الكاملة، بينما يزداد الضغط الأمريكي والدولي.
وعلى الرغم من الدعم المستمر للمجموعات المسلحة الموالية لإيران، إلا أن الحكومة والشعب العراقيين أصبحوا أكثر وعيًا بتمدد النفوذ الإيراني، مما يضعف من تأثير هذه المجموعات على السياسات المحلية
وفي لبنان، يواجه حزب الله عزلة شعبية ومطالبات متنامية بنزع سلاحه، فيما انكشفت محاولات النظام لافتعال الفوضى عبر الحرس الثوري.
تستمر الميليشيات المدعومة من طهران في محاولات فرض نفوذها على الساحة السياسية، لكن الأزمات الداخلية المستمرة والمقاومة الشعبية والضغط الدولي تحد من قدرتها على الحسم
أما في اليمن، فإن تهريب السلاح للحوثيين لم يعد يغير موازين القوى، بل يفاقم عزلة طهران ويعرضها لمزيد من الضغوط الدولية فقد أظهرت السنوات الماضية أن الدعم الإيراني للحوثيين لم يحقق سوى استمرار الحرب دون أي تقدم استراتيجي، فيما يعاني الحوثيون من أزمة داخلية وعجز عن التوسع أو تحقيق مكاسب سياسية حقيقية.
وتؤكد كل هذه المؤشرات أنّ النظام الإيراني فقد أدواته الأساسية وأن وكلاءه يضعفون تباعاً. ومع ازدياد نقمة الداخل وضغط الخارج، تتجه الأمور نحو نهاية حتمية لمشروع ولاية الفقيه

بناءً على هذه المعطيات، يتضح أن التحركات الإقليمية للنظام الإيراني أصبحت بلا جدوى، وأن أي محاولة لتعزيز النفوذ في هذه البلدان تواجه مقاومة شعبية وسياسية مستمرة. والحل الأمثل لمواجهة هذا التمدد يكمن في اعتماد الحل الثالث الذي يقدمه الشعب الإيراني والمتمثل في دعم المقاومة الإيرانية واعتراف المجتمع الدولي بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كطرف سياسي أساسي، لتمكين الشعب الإيراني من استعادة سيادته وتحقيق تغيير ديمقراطي حقيقي
أمام هذا الواقع، يطرح الطريق الثالث الذي أعلنته المقاومة الإيرانية نفسه كخيار وحيد للحل. ففي مؤتمر “إيران حرة 2025” في إيطاليا، شدّد سياسيون وبرلمانيون بارزون من أوروبا والعالم على أنّ إسقاط نظام الملالي وتمكين الشعب الإيراني من إقامة جمهورية ديمقراطية هو السبيل لإنهاء الإرهاب والتطرف في المنطقة وضمان الاستقرار.
ومن هنا يجدر القول إنّ الاعتراف بحق الشعب الإيراني في التغيير والانتفاضة ليس فقط مصلحة وطنية، بل ضرورة إقليمية ودولية لوقف أخطر مصادر تهديد السلم والأمن العالميين